تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي رسالة منسوبة لحكيم بنشماش؛ رئيس مجلس المستشارين، والأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، وجهها، فيما يبدو، إلى مناضلات ومناضلي الحزب، وأعطاها عنوانا نوستالجيا: "رسالة للتاريخ". وفيما يشبه رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، تحدث بنشماس عن التحديات التي تواجه التنظيم السياسي، والتي جعلت الديموقراطية مهددة ويجب إنقاذها. وكأن بنشماس راجع مؤخرا طبيب العيون، وتمكن من تصحيح زجاجتي نظارته البصرية، فهو لم ير خطورة وضع حزبه، وما يهدد الديمقراطية من مخاطر، إلا حين أبعد عن تسيير الحزب. وقد لاحظ بعض النشطاء السياسيين بأن الظرفية التي وجه فيها بنشماس رسالته تفوح منها رائحة احتمال وصول حزب البام إلى الحكومة؛ وهو ما يدفع بعض الفالحين في الفعل الاستباقي إلى حمل رايات لفت الانتباه.. "وامتنساوناش راه حنا كاينين". ولأن استاذية بنشماس تحتم عليه تقييم الوضع، وإعطاء الدروس، فقد استيقظ من سباته الطويل لينبه إلى أن "الحزب الأغلبي (اقترف ما اقترفه) خلال ولايتيه المتتاليتين، من سياسات وقرارات أدت إلى بوار الأوهام التي سوقها سرابا للناخبات والناخبين منذ عشر سنوات خلت". وحين يتحدث بنشماس عن ولايتين فهو يقصد عشر سنوات كاملة، جعلت من "الحكيم" "فينقا أسطوريا" يستيقظ من الرماد، ليشحذ الهمم، ويدعو "للقومة البامية":"لا يسعنا إلا التعبير عن الأسف لما نعاينه من خفوت في وهج حزبنا، حزب الأصالة والمعاصرة، سياسيا وإعلاميا وبرنامجيا، في سياق تهيأت وتتهيأ فيه الكثير من فرص ممارسة فعل حزبي بديل ناضج ومتجاوب مع انتظارات القاعدة العريضة من المواطنين"..فلا شل سيف "دون كيشوت" قاهر الشعاب وطواحين الهواء. والخطر كل الخطر لا يأتي في رأي "حكيم" من فكر داخلي، بل من فكر دخيلي نعته "بالأردوغانية المغربية": "لذلك، وبما أننا معنيون ب....حماية الديمقراطية من مخاطر بروز "أردوغانية مغربية" يصعب استدراكها، من شأنها رهن عمل المؤسسات التمثيلية، وطنيا وترابيا، لولاية أخرى". لنتصور أن رئيس مجلس المستشارين لولايتين متواليتين لم ينتبه إلى هذا الخطر الداهم والزلزال القادم، ماذا سيكون عليه الوضع إذن؟ الحمد لله أن لنا مثيل لزرقاء اليمامة في حدة البصر ورؤية الخطر، ورديف لحذام في الاستباق والتنبؤ وهي التي نبهت قومها بأن سرب القطا أيقظه "الأعداء" في ظلام الليل البهيم..فلا نامت أعين الحاسدين. نعم لم تحدق بنا الأخطار ما دامت عينا بنشماس تحدقان بيقظة وحداقة، فالزمن، ياسادة، هو زمن تشمير الساعدين. فابن شماس لها ما دامت الشمس في سمائها، وهو اليوم أكثر استعدادا، فيما يبدو، لتأطير الأطر والكفاءات، فيما تبقى مما هو آت، من زمن التموقع قبل الاستحقاقات، ولذلك فهو يقول "كما ندعو في هذا الإطار كافة أطر وكفاءات الحزب إلى التعبئة الجماعية، وتوحيد الصفوف والجهود من أجل دعم وإسناد جهود الحزب لتقوية حظوظه التنافسية ليحتل مواقع متقدمة في الاستحقاقات السياسية والانتخابية القادمة التي لا تقل رهاناتها أهمية عن رهانات زمن الإنصاف والمصالحة". وبياء النسب الجماعية قال بنشماس: "هذه سبيلنا من أجل استعادة قدرتنا"..ولو كان الراحل عبد الهادي بوطالب على قيد الحياة،لصحح للأستاذ الجامعي بغيته بياء النسبة الفردي "هذه سبيلي"..أما قصة "مساهمتنا النوعية، إلى جانب القوى الحية..." فالقضية قد تكون مثيرة للسخرية. الحمد لله أن رئيس مجلس المستشارين انتبه إلى الأردوغانية، بعد أن انتهى من مراقبة وتتبع الصفقات العمومية داخل مجلسه. والحمد لله أنه كان في كامل يقظته بعد أن انتهت الشركات التركية من إنجاز عدة طرق سيارة وقناطر أخرى.. ولعله يعي جيدا ما نقوله، بل لعله على علم بما يحكيه أهل البادية عن الزوجة التي انتبهت الى وجود سارق في بيتها، فحاولت جاهدة أن توقظ زوجها ليتصدى للسارق، ولكن الزوج الجبان لم يقو على النهوض إلى أن انتزع السارق الفراش الذي يفترشونه، فقال الزوج لزوجته: لا تكرثي لقد شتمته بصوت خافت. عمت صباحا سي حكيم، و"العود" أحمد، مالم يكن حصانا أسود.