اليوم مع رئيس الاتحاد الناقد عبد الرحيم العلام منذ عدة سنوات، واتحاد كتاب المغرب يشكو من التشرذم. مختلف فروعه مجمدة. وبالرغم من المجهودات التي كان يقوم بها المكتب التنفيذي للاتحاد، من أجل بث الروح في هذا الجسد، فإن الوضع لم يتحسن قيد أنملة. ومما زاد الطين بلة، أن المؤتمر الوطني الأخير تعرض للفشل، وتم تبادل الاتهامات بين أطراف مختلفة. وكان لا بد من طرح السؤال: متى يتم وضع حد لكل الخلافات التي تعوق اتحاد كتاب المغرب عن مواصلة نشاطه؟ إذن، في أفق المؤتمر الوطني الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب الذي يجري الاستعداد لعقده، كان لبيان اليوم حوار مع نخبة من الكتاب المنتمين لهذه المنظمة العتيدة، للحديث حول راهنها ومستقبلها. ما هي أهم المحطات التي قطعها اتحاد كتاب المغرب بين المؤتمر السابق والمؤتمر المزمع عقده في الأجل القريب؟ لقد شكل المؤتمر الوطني العام التاسع عشر لاتحاد كتاب المغرب الذي انعقد بطنجة، في يونيو 2018، إطارا مناسبا وسانحا للنظر في راهن الاتحاد ولتجديد التفكير في مستقبله، بدل المنحى الآخر الذي أخذه المؤتمر للأسف الشديد، والذي سيؤرخه الاتحاد بكثير من الأسى والمرارة. ورغم ما حدث في طنجة، فقد ارتأينا، مكتبا تنفيذا ولجنة تحضيرية منتدبة من المؤتمر، أن نواصل الإعداد للمؤتمر الوطني الاستثنائيالمقبل وإنقاذ منظمتنا مما قد يطالها من عبث بتاريخها ورصيدها ومكتسباتها ومصيرها، فكانت الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر المقبل تسير بما يرضي أعضاء الاتحاد، رغمأن جميعالغيورين على المنظمة قد عادوا متدمرين من مؤتمر كبير تم تعطيله بشكل تعسفي وغير مبرر، عملنا جاهدين على أن نوفرله جميع شروط تنظيمه ونجاحه، في زمن لم يعد هو الزمن… واصلنا عملنا، فيما واصل بعضهم تداريب التربص، وقد أصابتهم أمراض الوصاية والتحكم، ضاربين بعرض الحائط مصلحة الاتحاد ومستقبله. ولأننا تغاضينا عن متابعة مجهضي مؤتمر طنجة، عن تعطيل مؤتمر بدون سبب وعن تبذير مال عام بذلنا جهدا مضنيا للوصول إليه، فقد واصلوا المهزلة ولعب دور المنقذ من الضلال، للتغطية على ما اقترفوه في حق منظمة رائدة، هي ملك لجميع أعضائها وللمغرب الثقافي، فلجأوا إلى ابتداع ماسموه "لجنة تحضيرية موسعة"، ضدا على قرار المؤتمرين في طنجة، فقط ليتمكنوا من فتح باب خلفي للدخول والتحكم، فضاع مرة أخرى وقت كثيرمن زمن الاتحاد. كما أن تفشي وباء كورونا حال دون تنظيم المؤتمر المقبل إلى حد الآن، نتيجة ما استلزمته الجائحة من إجراءات احترازية معاكسة لرغائبنا جميعا، كالحجر الاجتماعي والصحي… ورغم ذلك، لم نستسلم لإكراهات الوباء، فواصلنا اجتماعاتنا وأنشطتنا، في احترام تام للقيود والتزام بالضوابط القانونية والصحية التي فرضتها الجائحة، بما في ذلك تنظيم المكتب التنفيذي لاجتماعات حضورية وأخرى عن بعد، وتنظيم اجتماع حضوري للجنة التحضيرية المنتدبة، وإصدار مواقف وبيانات باسم الاتحاد، وتنظيم لقاءات تفاعلية عن بعد وغيرها، في انتظار أن تزول الجائحة لننظم مؤتمرنا المقبل الذي طال انتظاره. لقد كان من الممكن ألا يوضع اتحادنا العتيد في ذلك الوضع المخجل وغير المشرف لمنظمتنا ولصورتها المشرقة في العالم، من قبل بعض من آزرهم الاتحاد في محنهم ومشاريعهم وفي أزماتهم الإدارية والصحية، لكنهم ارتأوا، بدل أن يبادلوه المحبة والاحترام، أن يتموقعوا مرة أخرى في ركن قصي ومظلم، ضدا على قيم الاتحاد ومبادئه التاريخية والديمقراطية. ثم جاءت محطة أخرى لا تقل بؤسا وانحطاطا ودناءة من محطة مؤتمر طنجة، ألا وهي لجوء بعضهم إلى القضاء، بعد أن استنفدوا كل مكائدهم وحيلهم وسقطاتهم، فكان القضاء فوق الجميع، وخير من لقنهم أعمق درس في معنى الديمقراطية والشرعية، وذكرهم بأن للبيت ربا يحميه، فكانوا مرة أخرى في موعد مع التاريخ، وقد سجل علنا وحضوريا أنها المرة الأولى التي يتم فيها جر اتحاد كتاب المغرب إلى المحاكم، رغم أن للاتحاد مؤتمرا يرعى أسئلته ومشاكله وقضاياه.يحدث هذا، في وقت تحاشينا فيه نحن الذهاب إلى القضاء بعد مؤتمر طنجة حرصا منا على صورة منظمتنا، وللموضوع صلة…وهي مناسبة، أجدد فيها الشكر لكل من ساند الاتحاد في كبوته الأخيرة المصطنعة وفي صموده التاريخي، كي يظل شامخا وفضاء ثقافيا وديمقراطيا وبيتا رمزيا غفورا ورحيما. ما الذي أدى إلى الأزمة الحالية للاتحاد؟ لن أقول هي ذاتها الأسباب التي أدت إلى أزمات الاتحاد السابقة منذ نشأته، ولن أتوقف عندها الآن، فالتاريخ كفيل بتسجيلها وحفظها وفضحها. غير أن الفرق بين أزمات الأمس وأزمات اليوم، هو أن هذه الأخيرة تبقى أزمات مرَضية، بما هي أزمة أشخاص وأمزجة وحسابات ضيقةومخجلة، وليست أزمات ناجمة عن صراع أفكاروأسئلة وانتماء ومبادئ، كما كان الأمر في المؤتمرات الأولى للاتحاد. وأمام ما يشهده واقعنا الثقافي والسياسي والاجتماعي من تحولات ومتغيرات، فقد كان من المفروض علينا جميعا أن نتفاعل معها بما تستحق من يقظة وأسئلة ومتابعة واهتمام، وهو ما حاول الاتحاد إدراكه ومواكبته واستثماره، خدمة لراهنه ولمستقبله، لكن الخواء أحيانا يولد اللامعنى والجحود والعماء، رغم ما عرضناه وبالملموس على أنظار المؤتمر التاسع عشر، وعلى سابقه الثامن عشر، من حصيلة مشرفة،على مستوى الإنجازات والملتقيات والتقارير والمواقف والمنشورات والتمثيليات والمهام المشرفة في الهيئات العربية والأفروأسيوية والأمريكولاتينية، ومن علاقات واتفاقيات ثنائية واسعة مع هيئات ومؤسسات مماثلة، وطنيا وجهويا ودوليا. فضلا عن مكاسب أخرى غير مسبوقة، وعلى رأسها حصول الاتحاد، ولأول مرة في تاريخه، على مقر ملائم لحضوره الرمزي وللوضع الاعتباريلأعضائه ولإشعاعه الثقافي داخليا وخارجيا، هو عبارة عن مركب ثقافي ورياضي كبير، في أرقى حي في العاصمة الرباط، لتظهر بذلك أن الحصيلة غير الحصيلة والصورة غير الصورة، مكتبا تنفيذيا وفروعا… وأمام كل هذا الحضور والتراكم وربما بسببهما، لجأ بعضهم إلى سلك أقصر السبل، عبر تعطيل مؤتمر طنجة، حتى قبل أن يقدم المكتب التنفيذي حصيلته التي تراءت لهم صادمة بلا شك، وتلك بعض أسباب تفشي العداوة والضغينة والحسد لدى البعض… ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ اختار بعضهم من اللجنة التحضيرية الموسعة، اللجوء إلى أسلوب التزوير والنصب والاحتيال والابتزاز باسم اللجنةالوهمية وباسم الاتحاد… بشكل أخجل أن أحكيه وأفصل الحديث فيه في هذا المقامالنظيف، بالنظر لرائحته النتنة وخطورته وأيضا لطابعه الجنائي، وتلك قصة أخرىسبق أن فضحتها بعض وسائل الإعلام، لكنها قضية يبقى غير مستبعد عرضها على القضاء، والبادي أظلم.. ماذا تقرر بعد نسف المؤتمر الأخير؟ قررنا في المكتب التنفيذي وفي اللجنة التحضيرية المنتدبة، أن نعتبر مصلحة الاتحاد فوق كل اعتبار، وأن نتجنب التشنج والاصطدام، وأن نحتكم لصوت العقل والحكمة، وأن نرأف بمنظمتنا ونصون مجدها، وأن نطلب الصفح من المؤتمرات والمؤتمرين، ممن عاينوا الفضيحة فعادوا إلى بيوتهم متذمرين، ونعتذر لبعض رموز الاتحاد، ممن كان المكتب التنفيذي قد برمج تكريمهم في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر طنجة، فاستجابوا مشكورين لنداء اتحادهم رغم ظروفهم الصحية الصعبة. يحدث هذا الآن، في وقت كان فيه العماء هو سيد الموقف في مؤتمر طنجة، حيث أصاب من خطط وهندس ليلا لتعطيل مؤتمر طنجة في واضحة النهار، فكانت رائحة المخمورين تعطر أجواء مسرح مركب بوكماخ، دون احترام لا لروح المربي والمعلم الكبير الذي يحمل المركب اسمه، ولا لقدسية المناسبة، ولا لمن حضر المؤتمر، فكانت الفضيحة الكبرى، التي سرعان ما انتشرت سريعا في العالم، بالصوت والصورة وبتلك الرائحة التي ستبقى. كما قررنا أن نعتبر أنفسنا، مكتبا تنفيذيا ولجنة تحضيرية، بمثابة فريق إنقاذ، بكل ما يحمل اللفظ من معنى، بما يجنب اتحادنا الانهيار ويضمن ألا تتكرر مثل فضيحة مؤتمر طنجة، وألا يتم تعطيل اتحادنا ومؤتمراتنا، وأن نحرص عليه فضاء ديموقراطيا مهما في المجتمع المغربي، لصيانة الهوية الوطنية في مختلف مكوناتها وأبعادها، وأن نعتبر استمرارية الاتحاد ضرورة وطنية. لقد ضاع وقت كثير مستقطع من عمر المنظمة ومن الزمن الثقافي المغربي، بعد أن تبين للجميع وبالملموس أن الغاية من ذلك السلوك المشين لم تكن أبدا هي الغيرة على منظمة لم يرأف بها بعض أبنائها، إذ كنا جميعا هناك، في طنجة، وفي أتم الاستعداد للإنصات ولتطبيق القانون والمكاشفة والمحاسبة والنقد والاستجابة لرغبات المؤتمرين ولقراراتهم، في إطار ديمقراطي شفاف، يحفظ للمنظمة هيبتها وكرامتها من أي عبث أو عطب طارئ، ويصون تاريخها وجهود مؤسسيها وروادها والغيورين عليها. تفرق الجمع بعد مؤتمر طنجة، فعدنا إلى نقطة الصفر، إلى الإعداد، مرة أخرى، لتنظيم مؤتمر جديد، سمي استثنائيا لأول مرة في تاريخ الاتحاد، بمال عام آخر بعد تبذير مقصود ومخجل وغير مبرر لسابقه، وقد تبين أن بعضهم لازالت تعجبهم حالة "الاستثناء"، رغم أن قوانين الاتحاد تكفلها، لكن في مواقف وأوضاع أخرى صحية ونبيلة ومنتجة غير تلك، فبدا للجميع أنه لم يكن من داع لتلك المهزلة في مغرب ثقافي جديد، قوي بمنظمته وبنخبه ومثقفيه وكتابه ورموزه. كما تبين للجميع أن ما أثار غيض وغيرة من فضل تعطيل مؤتمر الاتحاد على عقده، هو حصيلة الإنجازات والمكتسبات المشرفة التي حققها المكتب التنفيذي الحالي وفروعه، كما هي معلومة لدى الجميع، وكما هي متضمنة في الوثائق التي تضمنتها حقيبة المؤتمر، وقد بدت حقيبة ثقيلة على الميزان واللسان، بمثل الثقل الذي يشكله ذلك المكسب التاريخي الكبير، مجسدا في حصول الاتحاد، ولأول مرة في تاريخه، على مقر ملائم له ولتاريخه ولأعضائه ولرصيده النضالي الكبير ولإسهاماته المتظافرة في تحريك المشهد الثقافي الوطني وبناء ثقافة وطنية جديدة، بمثلما يليق بالوضع الاعتباري للكتاب والمبدعين المغاربة وبمنجزهم وحضورهم الفكري والإبداعي في شتى حقول الكتابة والإبداع والمعرفة؛ يتعلق الأمر، كما هو معلوم وطنيا وجهويا ودوليا، بحصول الاتحاد على مركب ثقافي ورياضي كبير في أرقى حي بالرباط، بتعليمات سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في استجابة مشكورة ومرحبة من جلالته بملتمسنا التاريخي. لذا، فبعد تعطيل مؤتمر طنجة، تنامت لدى بعضهم نزعة التهافت على هذا المكسب التاريخي العظيم، فسارعوا، باسم "لجنة تحضيرية وهمية"، وفي سابقة من نوعها في تاريخ الاتحاد وضدا على أعرافه وقوانينه، إلى القيام بزيارة مخجلة لمسؤول في الحكومة ولآخر عن مجلس ترابي محلي، في محاولة يائسة منهم لاستدراج سيادتهما إلى موضوع المركب الثقافي، متناسين أنهم يخاطبون رجلي دولة، بما أوتيا من حنكة ومسؤولية وفطنة وتجربة، ومتناسين أن المركب الثقافي عين له مخاطب مشرف على تتبع شؤون تشييده، ممثلا في رئيس الاتحاد، وذلك بمثل تهافتهم المكشوف على توزيع الغنائم الوهمية والتشاجر حولها بمقر الاتحاد، وعلى تعيين الرؤساء الواقفين في طابور الغفلة، ضدا على أولويات اتحادنا وعلى مبادئه الديموقراطية وتكافؤ الفرص، وضدا على رغبات المؤتمرين واختياراتهم، علما بأن اتحادنا سيظل ماضيا نحو مؤتمره المقبل ونحو أفقه المشرق، رغم كل العراقيل والدسائس الواهية والحروب الصغيرة، متسلحا بإرثه التاريخي وبغيرة أجياله المتعاقبة وكاتباته وكتابه الشرفاء… ما هي أبرز خلاصات الاجتماعات التي عقدها المكتب التنفيذي للاتحاد استعدادا لتنظيم المؤتمر الاستثنائي؟ تعودنا في المكتب التنفيذي أن تعقب اجتماعاتنا بلاغات إخبارية موجهة إلى أعضاء الاتحاد والرأي الثقافي العام، يتم إخبارهم فيها بمستنتجاتاجتماعاتنا وقراراتها. وبما أن وضعية الاتحاد الراهنة ليست بوضعية عادية وإن كانت مستقرة، فإن جل اجتماعاتنا تكاد تهيمن عليها نقطة فريدة، ألا وهي تنظيم المؤتمر الوطني الاستثنائي المقبل، بعد أن تزول إكراهات جائحة كرونا. من ثم، فجميع الإخوة في المكتب التنفيذي وفي اللجنة التحضيرية المنتدبة، حريصون على تنظيم المؤتمر المقبل، وفق الضوابط التنظيمية والقانونية التي تقرها قوانين الاتحاد وأعرافه. ويحدث أحيانا أن يكون موضوع اجتماعاتنا النظر في بعض المستجدات الوطنية والجهوية والدولية، من قبيل تلك التي تستلزم منا اتخاذ مواقف بشأنها أو إصدار بيانات أو تقديم تصورنا حولها، مثل مساهمة الاتحاد بمذكرة حول تصوره للنموذج التنموي الجديد، تم تسليمه للجنة المكلفة به، كما هي حال مساهماته السابقة بتصوراته حول قضايا عديدة لدى قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية، وإصداره لبيانات منددة ومستنكرةلبعض الخطابات والممارسات الاستفزازيةجهويا ودوليا، وغيرها. فضلا عن اجتماعات أخرى، نجمت عنها اقتراحات مضيئة، من قبيل إصدار عدد جديد من مجلة الاتحاد "آفاق"، وتنظيم سلسلة لقاءات تفاعلية تمهيدية لتأسيس جبهة ثقافية لنصرة القضية الوطنية، وندوة تفاعلية عن بعد حول الإبداع في زمن كورونا، وغيرها، في انتظار عقد اجتماع مقبل للمكتب التنفيذي واللجنة التحضيرية، للنظر في مشاريع الأوراق التي ستعرض على أنظار المؤتمر المقبل، وأيضا لمناقشة الأرضية التأسيسية للجبهة الثقافية التي دعا إليها الاتحادوالمصادقة عليها... ولولا الصعوبات المالية التي تواجه المكتب التنفيذي وفروع الاتحاد، لكانت الحصيلة أكبر، فقط حتى لا يظل زمن كورونا حرا طليقا بدون صد ومواجهة، وأيضا حتى يتواصل صوت الاتحاد حاضرا ومجلجلا في المشهد الثقافي الوطني والخارجي. ما هي الأولويات الجديرة بمناقشتها في المؤتمر؟ كنا في الاجتماعات الخمسة للجنة التحضيرية السابقة للمؤتمر الوطني العادي التاسع عشر، الذي عقدناها بالرباط وأزيلال، قد أعددنا مختلف مشاريع الأوراق اللازمة لعرضها على أنظار مؤتمر طنجة لمناقشتها والمصادقة عليها، بما في ذلك إحداث ثورة في القانون الأساس الحالي للاتحاد، عبر مراجعته مراجعة جذرية وشاملة، بشكل يجعله مشروعا منسجما مع التحولات التي تعرفها منظمتنا والمكتسبات الجديدة التي حققتها، وأيضا منسجما مع الوضع الثقافي والمؤسساتي والدستوري ببلدنا، فكان لزاما علينا، بعد مؤتمر طنجة،أن نحرص على استثمار كل هذا الرصيد المشرف والمضيء لعمل الاتحاد المستقبلي ، مع ما يستوجبه الأمر من تحيين لمشاريع الأوراق السابقة، حتى تكون مسايرة لمستجدات الوضع العام، ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، وطنيا وجهويا ودوليا. هكذا، إذن، سنحرص في المؤتمر المقبل على مراجعة الترسانة القانونية للاتحاد، بما يضمن لمنظمتنا تحقيق مزيد من الحماية والصمود والنجاعة والمردودية، وحماية مكتسباتها من الأيدي العابثة والمتربصة بها، بمثل ما سنحرص على صياغة استراتيجية ثقافية شاملة لعمل الاتحاد المستقبلي، بما ستتضمنه من توجهات كبرى للمسألة الثقافية بالمغرب، في ضوء المتغيرات التي تعرفها الثقافة في عالماليوم. كيف تسير أشغال بناء دار الفكر، وهل هناك تفكير في عقد المؤتمر بهذا المركب الثقافي؟ أتابع باستمرار عملية سير أشغال تشييد المقر الجديد لاتحاد كتاب المغرب الذي أطلقنا عليه تسمية )المركب الثقافي والرياضي "دار الفكر" لاتحاد كتاب المغرب(، منذ أن تكرم صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإعطاء تعليماته السامية لبناء مقر جديد للاتحاد، وذلك تيمنا بأول تسمية لمقر الاتحاد، أيام المرحوم الدكتور محمد عزيز الحبابي، ووفاء للانطلاقة الأولى لاتحادنا وتكريما لجيل المؤسسين والرواد. وقد جمعتني لهذه الغاية، حتى قبل الشروع في بناء المركب، اجتماعات بالجهتين الحكوميتين اللتين أسند لهما أمر تنفيذ تعليمات جلالة الملك، ممثلتين في السيد وزير الداخلية والسيد وزير التربية الوطنية الأسبقين، بحثا، بتيسير مشكور من سيادتهما، عن المكان المناسب لتشييد مركب الاتحاد، تلته اجتماعات أخرى معالسيد والي جهة الرباطسلاالقنيطرة الأسبق ومع صنوه السابق،وكذا مع المهندسين والمقاولين وممثلي وكالة الرباط للتهيئة… وأنا أواصل مهمة الإشراف على عملية تشييد المركب، يمكن أن أزعم بأن أشغال البناء الكبرى قد انتهت، وما تبقى هو تجهيز المركب، حسب ما تسمح به الميزانية المرصودةلهذه الغاية لدى الجهات المعنية، خصوصا وأن المركب يشغل مساحة أرضية مهمة، بوحداته الإدارية والثقافية وبمرافقه العديدة. وقد حرصت منذ بداية تعاوني مع المهندس على اقتراح حاجياتنا عند وضع تصاميم المركب، وإبداء رغبتنا في أن يشيد المركب وفق تصاميم حديثة وعصرية، بما يجعلمنه معلمة تشرف اتحاد كتاب المغرب والثقافة المغربية ومدينة الرباط عاصمة الثقافة المغربية. وبخصوص إمكانية تنظيم المؤتمر المقبل بدار الفكر، فيبقى أمرا غير مستبعد متى تم الانتهاء من تجهيزه وتدشينه، وسيكون بالتالي إجراء مشرفا لمنظمتنا ولأعضائها ولمؤتمرها ومفخرة كبرى للثقافة الوطنية… هل ستترشح لولاية جديدة على رأس الاتحاد؟ من السابق لأوانه أن نتحدث الآن عن ترشحي لا أنا ولا غيري، وإلا سقطنا في لعبة التهافت نفسها التي سقط فيها بعضهم. فما يهمنا اللحظة، هو أن نوصلهذه المنظمة، بمعية إخوتنا في اللجنة التحضيرية المنتدبة من مؤتمر طنجة، إلى محطتها المقبلة، ألا وهي المؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر، كما سبق أن حرصنا على ذلك قبيل المؤتمر السابق؛ هذا الذي وفرنا له جميع شروط تنظيمه ونجاحه، من حفل استقبال وإيواء وتغذية واستراحات شاي ونقل وكتب ومجلة ووثائق ودروع التكريم وهدايا رمزية وموسيقى وأجواء فرح، مع ما استلزمه ذلك من مجهودات وتضحيات وصبر ومصداقيةلدى الجهات الداعمة. لكن سرعان ما تبخر كل شيء، نتيجة سلوك فوضوي غير مشرف، ارتضاه البعض بديلا لأخلاق الكاتبولأساليب الاحتكام إلى قوانين الاتحاد ومبادئه وقيمه النبيلة التي تأسس عليها وآمن بها وحافظ عليها. لذا، فإن عقد المؤتمر المقبل يبقى هو الأهم الآن بالنسبة لنا جميعا، أعضاء المكتب التنفيذي واللجنة التحضيرية المنتدبة وباقي أعضاء الاتحاد والرأي الثقافي العام، واضعين راهن الاتحاد ومستقبله واستقراره وبقاءه والحاجة إليه فوق كل اعتبار، وفوق أي تصرف عرضي وأعمى قد يضر بتاريخه وإنجازاته ومكتسباته وصورته، وبحضوره النوعي واشعاعه الوطني والجهوي والدولي. ما هي المؤهلات التي ترى ضرورة توفرها لدى المرشح القادم؟ يمكن القول إن جميع أعضاء الاتحاد الشرفاء تتوفر فيهم المؤهلات التي تمكنهم من الترشح في المؤتمر القادم وفي غيره، إذ أثبت تزايدالتفاف الأعضاء حول منظمتهم وتشبثهم بها مدى حرصهم على بقائها وعلى استمرارها متوهجة معافاة، رغم ما يعترضها من مؤتمر لآخر، ومنذ تأسيسها، من كبوات عارضة… ورغم ذلك، فاتحاد الغد لن يكون هو اتحاد الأمس، نتيجة تفاقم تحديات جديدة، وتضاعف الرهانات المطروحة أمامه اليوم، ما يستلزم منا جميعا صياغة منظورات جديدة لتدبير شؤون الاتحاد المؤسساتية، الإدارية والثقافية وعلاقاته الداخلية والخارجية. وبما أن الاتحاد ليس جهازا حكوميا أو مؤسسة تشريعية أو استشارية أو مجلسا ترابيا أو مؤسسة عمومية، فلا يمكن، بالتالي، مطالبة المرشحين بأن تتوفر فيهم مواصفات ومؤهلات محددة، إلا ما قد يتعلق بأخلاق الكاتب والتزامه ومروءته ومسؤوليته وحضوره النوعي المقنع، ومتى انتفى تمثل هذه المواصفات في المرشح انتفت مصداقيته وانكشف سريعا سقوطه، دون أن ننسى هنا أن الاتحاد، كما هو حال جل الجمعيات الثقافية ببلادنا، لازال يشتغل بمنطق التطوع، وهو وضع على الاتحاد أن يسعى إلى تجاوزه، بما يضفي على عمله طابع التنافسية والندية والمردودية، ويدعم بالتالي شرط المواصفات والمؤهلات الواجب توفرها في أعضائه ومرشحيه… وإذا كان القانون الأساس الحالي للاتحاد وقانونه الداخلي فارغين على مستوى تحديد المواصفات والمؤهلات الواجب توفرها في المرشحين، باستثناء شرط الأقدمية، فإن أعضاء الاتحاد في انتمائهم إلى شريحة المثقفين والكتاب والمبدعين، بما يعنيه ذلك من كفاءة والتزام وإدراك معرفي وخبرة ثقافية وروح تدبيرية، هم أقدر على تدبير شؤون منظمتهم وصون أفقها الرمزي، مع أنه لا يمكن استبعاد شبح الفشل هنا، فهو غالبا ما يكون حليف البعض، ليس فقط داخل أجهزة الاتحاد بل خارجها أيضا، ونماذج الكتاب الفاشلين في تدبير الشأن العام، إداريا وثقافيا وجمعويا، معروفة ومتداولة.
