هل يحقق الربيع العربي «انبثاق الفرد الحر»؟ هذا ما يراه الكاتب والروائي والشاعر المغربي الطاهر بن جلون. مضيفا في سياق حوار مع «المجلة الأدبية الفرنسية» حول الأوضاع في العالم العربي أن «الطريق مفتوح من أجل مجتمع جديد». يرى الطاهر بن جلون، بحسب ما جاء في حواره، أنه لم يكن بمقدوره التزام حالة اللامبالاة حيال حدث بأهمية الربيع العربي، بعد أن بات الأغنياء بفضل السلطة الفاسدة أكثر عجرفة ووقاحة وأكثر قسوة مع الفقراء. الشرارة. وكان الطاهر بن جلون قد كتب نصين من وحي الربيع العربي، أحدهما في صورة دراسة صدرت مؤخرا بعنوان «الشرارة»، ويسعى فيها لتفسير أسباب الثورات الشعبية في العالم العربي، فيما جاء العمل الثاني في رواية «بالنار» كعمل روائي سردي أهداه للشاب التونسي محمد بوعزيزي. ويتخيل بن جلون في هذه الرواية الأيام التي أفضت ببوعزيزي إلى التضحية بنفسه لتشتعل ثورة الياسمين، التي صنعت الربيع العربي، مؤكدا أن واقعة البوعزيزي لا سابقة لها في الثقافة العربية - الإسلامية. وحلل الطاهر بن جلون في دراسته «الشرارة» تدهور شروط الحياة للتونسيين والمصريين في ظل النظامين الاستبداديين السابقين، اللذين لم يتورعا عن الاعتقال والتعذيب والقتل، بينما يمكن لقارىء روايته «بالنار» أن يتماهى مع شخصية محمد البوعزيزي، ويفهم من الداخل الأسباب التي أدت به لقبول التضحية بنفسه عبر فكرة الاحتراق بالنار. إعادة خلق أدبي ورأى صاحب «ليلة القدر» أن كل كاتب هو شاهد على عصره، وأنه يتفاعل ككاتب ودوره تملك الواقع والكتابة انطلاقا من معطياته، فيما يبقى الأدب في نظره أكثر أهمية وضرورة من أي وقت مضى للتعبير عن البشر وآلامهم. واشار مؤلف «العينين المنكسرتين» الى أنه لا ينبغي للكاتب التعامل مع الواقع بشكل مباشر، بل بطريقة غير مباشرة ومن نقطة تسمح باقامة مسافة مثالية تمنح الرؤية الأكثر غنى والأكثر اكتمالا في نطاق الممكن، موضحا أن الأمر لا يتعلق بعمل توثيقي وإنما باعادة خلق أدبي. صمت المثقفين وحول ما يقال عن «صمت المثقفين العرب»، قال الطاهر بن جلون إن العديد من المثقفين الملتزمين العرب طالهم الاعتقال والتعذيب وقتل بعضهم، فيما وصف اولئك الذين يعمدون لتكرار وتعميم مقولة صمت المثقفين بأنهم «جهلة ولا يعرفون شيئا عن حقائق العالم العربي». ووصف الطاهر بن جلون الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بأنه «شاعر كبير قبل كل شيء، ولم يكن يكتب شعر مناسبات، وسيبقى شعره حاضرا في الذاكرة»، مضيفا: لو كان حيا لشعر بسعادة بالغة مع الربيع العربي». واستعاد بن جلون العضو في «اكاديمية جونكور» سيرة الكاتب الفرنسي الراحل جان جينيه، معتبرا أنه »كان منشغلا تماما بمصير الفلسطينيين وكان التزامه شامل.