معوقات تفرمل كل إمكانات ولوج المرأة الصحافية لمراكز القرار وتحد طموحها كشف مشروع تقرير حول «وضعية النساء الصحافيات في المغرب»، أنهن لايمثلن سوى %26،47 من مجموع الصحافيين المغاربة المتوفرين على بطاقة الصحافة لسنة 2010، أي 632 صحافية مقابل 1755 صحافي، وأن نسبة النساء الصحافيات في المغرب، أقل بكثير، مقارنة مع زميلاتهن في بعض الدول كتونس %46، روسيا %80، فنلندا %55، الدانمارك %40 والبرتغال %39، في حين، تصل نسبتهن بالجزائر %25. وأبرز هذا التقرير، الذي قدمته الصحافية مونية بالعافية، نائبة الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، ونائبة رئيس مجلس النوع الإجتماعي بالفيدرالية الدولية للصحافيين، ضمن أشغال ورشة، حول موضوع «الصحافيات والأسئلة النقابية»، المنظمة أيام 22 ، 23 و24 نونبر الجاري بالدار البيضاء، من طرف النقابة والفيدرالية، أن المرأة الصحافية تتواجد بشكل كبير في الإذاعة بنسبة %36، أي 153 صحافية مقابل 277 صحافي(%64)، ثم بنسبة أقل في الصحافة المكتوبة 25 %، مقابل 75% بالنسبة للصحافيين، وبنسبة 23 % في التلفزة مقابل 77 % للصحافيين، في حين يبلغ عدد الصحافيات المتوفرات على بطاقة الصحافة ويشتغلن في الصحافة الإلكترونية ثلاثة مقابل 13 صحافي. أما على مستوى المناصب التقنية، فلانجد سوى 24 تقنية من أصل 329 تقني، ومصورتين صحافيتين من أصل 185 مصور صحافي، في حين لاتوجد أي امرأة تشتغل في الكاريكاتير. وعلى مستوى خريجي المعهد العالي للصحافة بالرباط مابين سنوات 2004/2005 و2009 /2010 ، سجل التقرير، ارتفاعا ملحوظا لحضور المرأة في المعهد، حيث كان عدد الطالبات يتمثل في 55 %، سنة 2005 قبل أن يصل في سنة 2010 إلى 59،31 % مقابل 40،69 % بالنسبة للطلبة الذكور. وهو نفس الارتفاع الذي تم تسجيله في معاهد مماثلة، حسب نفس التقرير. وفيما يخص حضور المرأة الصحافية على مستوى هياكل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تحدث التقرير عن كون المؤتمر الأخير للنقابة المنعقد سنة 2008، خصص لها كوطا من أجل فسح المجال أمامها لولوج مراكز القرار داخل النقابة، دون أن يتم اعتماد مبدإ الكوطا ضمن القانون الانتخابي، بل عبر طريقة متفق عليها من طرف جميع المؤتمرين، تتمثل في التصويت على الأقل على 25 % من النساء المرشحات ضمن المرشحين للمجلس الوطني الفيدرالي وفي باقي هياكل النقابة، وهو مامنح للصحافية حضورا في باقي هياكل النقابة، خصوصا على مستوى المكتب التنفيدي(5 صحافيات من أصل 19 صحافي)، وبنسب متفاوتة من صفر إلى ثلاثة على مستوى الفروع الجهوية والمحلية. ويبدو أن غياب المرأة الصحافية خصوصا النقابية، على مستوى الفروع الجهوية والمحلية بالدرجة الأولى، هو مادفع الصحافية مونية في تقريرها، إلى الدعوة إلى إيلاء العمل النقابي وأسئلة النوع الاجتماعي، أهمية قصوى من طرف جميع الصحافيين، وتشجيع الصحافيات من أجل الترشح لهذه الهياكل. هذا وتحدث التقرير في محور آخر، عن المعوقات والحواجز التي تفرمل كل إمكانات ولوج المرأة الصحافية لمراكز القرار في وسائل الإعلام المكتوب والسمعي والبصري، والتي أرجعها في المقام الأول، إلى انعدام سلم الترقيات في مسلسل التعيينات، وترجيح نموذج الرجل في إسناد المسؤوليات، بخلفية وجوده الدائم رهن الإشارة وقابليته للتواجد في اللقاءات غير الرسمية، على عكس المرأة الصحافية التي تعترضها صعوبات وإكراهات بحكم جنسها من جهة وحقها في الأمومة وغيابها الدوري بسبب عطلة الولادة من جهة ثانية. كما أن الالتزامات العائلية للمرأة الصحافية من بيت وأولاد، وما تتطلبه منها من وقت، تحول في غالب الأحيان دون نسج المرأة الصحافية لشبكة علاقات وقنوات للخبر والسبق الصحافي، والتي تبقى في الغالب حكرا على نظيرها الرجل بحكم ثنائية هذه العلاقات وطبيعتها غير الرسمية. وتنزع كل هذه المعوقات، حسب التقرير، إلى تكريس صور نمطية لكل من المرأة والرجل في قطاع الصحافة والإعلام. ففي مقابل صورة الرجل الصحافي الموصوفة بالاستقلالية والإبداع وقوة اتخاذ القرار والمبادرة وعدم التهاون في مسار حياته المهنية، نجد صورة المرأة الصحافية على عكس ذلك تماما، فهي موصومة بالتبعية للزوج وللعائلة على حساب مهنتها، عاطفية ومحافظة وتجد صعوبات في التقرير والمبادرة، مما يترتب عن هذه الصور النمطية والتبريرية كل أشكال التمييز في حق المرأة الصحافية بدعوى تفوق نظيرها وأهليته لتحمل المسؤولية وولوجه لمراكز القرار. ويتجسد هذا التمييز وبشكل صارخ، حسب مضمون التقرير، في واقع تفاوت الأجور بين المرأة الصحافية ونظيرها الرجل، وفي فوقية قرارات التعيين في مراكز القرار التي تدوس أحقية المرأة الصحافية في الترشح وتبخس مؤهلاتها المهنية لتحمل المسؤولية. وعليه تظل ضبابية الترقية والتعيين في مراكز القرار بالنسبة للمرأة الصحافية في مؤسسات الصحافة والإعلام، واعتماد نظام عمل غير ملائم لخصوصياتها ولحقها في الأمومة وما يستهدفها من تحرش جنسي وأدبي، يمس بتوازنها النفسي واستقرارها الاجتماعي. وأوضح التقرير، أنه نظرا لكل هذه العوامل، تجد المرأة الصحافية نفسها مطالبة بالبحث عن فرص شغل في مجال التواصل على حساب مهنة الصحافة والإعلام، أو مكرهة على الاستمرار في شروط لا تستجيب للحد الأدنى من طموحاتها. وخلص التقرير إلى جملة من التوصيات تتمثل في تشخيص كل هذه الحواجز التي تفرمل إمكانات ولوج المرأة الصحافية لمراكز القرار، مع تبني تدابير إيجابية تتغيئ مضاعفة عدد النساء في مراكز المسؤولية والقرار، والتي يمكن إجمالها في وضع نظام كوطا واحترام التمثيلية واعتماد الشفافية في الترشح والتعيين في مراكز القرار، والعمل على تغيير العقليات وإجتثات الصور النمطية المرتبطة بالرجل والمرأة على حد سواء، وكذا استحضار وبقوة حق المرأة في مواطنة كاملة غير منقوصة وبما يقر بحقها في النجاح وتكافؤ الفرص، مع الأخذ بالتجارب الناجحة للنساء في مجال «الليدر شيب» والقيادة.