خصصت صحيفة "الجزائر تايمز" الجزائرية، مقالا يقطر سخرية من الأوضاع التي بلغت إليها الجزائر ودرجة الانحطاط غير المسبوقة في مختلف القطاعات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية. ففي موضوع خصصته الصحيفة لاستعراض الحصيلة الكارثية لسنة 2014 التي نودعها، بالبلاد، ذهبت الصحيفة إلى استعمال لغة اللا مواربة، وأكدت أن الانهيار الذي وصلته الجزائر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في نهاية 2014 لم يكن نتيجة أخطاء الحكام، بل إن الأمر يتعلق بمخطط تم تنفيذه بدقة متناهية. تشريحا لهذا الطرح، يرى كاتب المقال أن حكام الجزائر لم يخطئوا أبدا في تخطيطهم منذ 50 سنة من أجل تدمير الجزائر وشعبها وبلوغ أهدافهم "الدنيئة"، لأنهم تَعَمَّدُوا إيصال الجزائر إلى هذه الحالة، والنتيجة: شعب فقير ومتخلف سياسيا وفكريا، يعيش حالة تخدير دائمة، شعب تائه ليس له أي مشروع سياسي، ودولة بلا معارضة، ليخلص إلى أن الأمر يتعلق ب"وضع شاذ بجميع المقاييس". واستغرب من مفارقات وجود دولة غنية يقابلها شعب فقير، دولة قامت على أساس ثورة شعبية مسلحة في الماضي يقابلها اليوم شعب بدون طبقة سياسية، متسائلا كيف لهذا الوضع أن يفرز مشروعا سياسيا واضح المعالم !! وزاد كاتب المقال في استعراض نتائج استبطانه لحقائق الأمور في الجزائر، وداخل دواليب الحكم، ولخص مجموعة منها فيما يلي: * حكام الجزائر لم يخطئوا ولن يخطئوا في سبيل تحقيق غاياتهم وأمانيهم التي دمرت الجزائر شعبا ودولة. * حكام الجزائر لم يخطئوا حينما سرقوا ثورة الشعب الجزائري . * لم يخطئوا حينما سرقوا ثروة الشعب الجزائري . * لم يخطئوا حينما اختاروا للشعب نظام الحزب الوحيد ، وحكموه بالقبضة الحديدية . * لم يخطئوا حينما تصدوا للشعب الجزائري بالرصاص الحي في انتفاضة أكتوبر 1988 التي قامت من أجل الحرية والديموقراطية . * لم يخطئوا حينما انقلبوا على نتائج انتخابات ديسمبر 1991 التي حملت الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى قمة الترتيب * لم يخطئوا حينما دفعوا الرئيس الشاذلي بنجديد في يناير 1992 لإعلان استقالته وتنصيب مجلس خالد نزار . * لم يخطئوا حينما استدعى مجلس خالد نزار المرحوم محمد بوضياف (السي الطيب) من المغرب لاغتياله في يونيو 1992 . *لم يخطئوا في تنفيذ مجازر العشرية السوداء تحت قيادة السفاح خالد نزار رئيس مجلس المجرمين القتلة التي نحروا تحت رعايته ربع مليون جزائري، بالإضافة لعدد غير قليل من المفقودين وذوي العاهات المستديمة .. * لم يخطئوا حينما سامحوا بوتفليقة وعفوا عنه وهو الذي كان في حالة فرار خارج الجزائر بعد موت بومدين حاملا معه أسرار نسخة نظام بومدين وحقيبة يعلم الله مبلغ قيمتها بالدولار ، لم يخطئوا حينما عفوا عنه وأعلنوه رئيسا لتبييض دماء الجرائم التي تلطخت بها أياديهم . * لم يخطئوا حينما اختاروا سياسة اقتصاد الريع وتجنبوا – عمدا – كل المخططات التربوية والتعليمية والاقتصادية التي تبني الإنسان الذي يستطيع اكتساب مهارات وقدرات يعيش بها بكرامة ، ونشروا بيداغوجية التواكل ومد اليد … بالسرقة أو قبض رشوة الريع أو كل ما يستدعيه المال السائب !!!! * لم يخطئوا حينما عمموا الجهل الأكاديمي بين أشباه الأساتذة والصحافيين السطحيين وجعلوا منهم كراكيز وأبواقا تُسَبِّحُ باسم النظام في أرقى مظاهر الشيتة والتشيات الوجودي . * لم يخطئوا حينما نشروا القحط السياسي والفكري بين الجزائريين . * لم يخطئوا حينما نهجوا بيداغوجية تضبيع الشعب الجزائري في كل برامج التعليم منذ الاستقلال المفترى عليه بتزوير التاريخ والجغرافيا .. * لم يخطئوا حينما نشروا الرعب في البلاد بصناعة أخطبوط الإرهاب المخابراتي الدنئ . * لم يخطئوا حينما صنعوا شعبا لا يعرف معنى المعارضة السياسية ، فإن كان في كوبا وكوريا الشمالية معارضة ففي الجزائر أيضا معارضة ؟؟؟ * لم يخطئوا حينما وضعوا على رأس مؤسسة الرئاسة شبحا كسيحا يحركونه على مقعد . * لم يخطئوا حينما كدسوا – بالملايير من الدولارات – خردة السلاح السوفياتي البائد الصدئة في المخازن بحجة خطر العدو الخارجي الوهمي . * لم يخطئوا حينما تركوا الشعب الجزائري بدون سكن ولا مستشفيات ولامدارس ولا طرق ولا موانئ ولا طائرات ولا مطارات ولا شئ يدل على أنها دولة عصرية . * لم يخطئوا حينما جعلوا من مسحوق الحليب ترفا يناله المحظوظون فقط ، ومن حبات البطاطا أوكسجين الوجود في بلد استشهد فيه مليون ونصف جزائري من أجل مستقبل أسود من الزفت والقطران .هل من أجل البطاطا مات مليون ونصف شهيد ؟ * لم يخطئوا حينما خططوا بأن يصبح 24% من الشعب الجزائري يعيشون تحت عتبة الفقر ، أي أكثر من 10 ملايين جزائري رغم أن الدولة محسوبة على نادي الأغبياء عفوا الأغنياء . * لم يخطئوا حينما نشروا ظاهرة التسول في البلاد ، فأينما وليت وجهك ترى فقيرا يمد يده للمارة . * لم يخطئوا حينما نشروا سُعَار كرة القدم والتشبث بشعور النجومية الوهمية العجفاء التي ما أن يدخل المتوهم بها إلى بيته حتى يقضم أظافره من جوع ومن سغب … * لم يخطئوا حينما أوصلوا الجزائر للهاوية المحتومة بعد بوار سلعة النفط الذي يُنْذِرُ بتسونامي هائل سيركع الشعب الجزائري مذلولا أمام من كانوا يُطعمونَه حينما كانت جيوب حكامهم مملوءة … لم يخطئ حكام الجزائر في كل ذلك أبدا لأنهم درسوه جيدا وخططوا له جيدا وطبقوه بحذافيره حتى يصلوا بالجزائر وشعبها إلى أسفل سافلين وقد نجحوا في كل ذلك ، لم يخطئوا لأن ما قاموا به و لايزالون ، لا يقوم به إلا من خطط ودبر وحرص على دقة التنفيذ عن عمد وسبق إصرار بلا شفقة ولا رحمة بالشعب الجزائري ، لأن ما قام به حكام الجزائر في حق الشعب الجزائري هو فوق الخطأ البشري وفوق النيسان ، وفوق السهو ، وفوق سوء التقدير للعواقب … ما فعلوه في حق الشعب الجزائري طيلة 50 سنة لا يقوم به إلا العدو اللدود للشعب الجزائري … كيف يخطئ حكام أفقروا شعبا بلُده من أغنى بلاد الدنيا واشتروا من موظفي الأممالمتحدة شهادة رسمية تعترف للشعب الجزائري بأنه من أسعد شعوب العالم ؟ كيف يخطئ حكام جعلوا الخونة من حفدة فرنسا مجاهدين يتحكمون في رقاب أبناء حرائر الجزائريات الفاضلات ؟؟؟ لن يخطئ فيك من زَوَّرَ على ظهرك انتخابات تشريعية في ماي 2012 ضربتك ب 220 فولت بقوة الحزب الوحيد الحاكم … لن يخطئ فيك من توج الألفية الثالثة بوضع رئيس مشلول على ظهرك ساقك ولا يزال يسوقك بمهماز يدفعك نحو الانهيار التام … لقد خططوا لهذا المصير الذي تعيشه اليوم مرغما ، ويفرحون به ويفتخترون بنتائجه المبهرة … لقد خططوا لإذلالك أيها الشعب الجزائري ونجحوا … فمن يكونون حكامك ؟؟؟ قطعا ليسوا منك ولست منهم …. فمن من الشعب قرأ أو اطلع على بنود اتفاقية إيفيان التي بها أعلنت فرنسا ( استقلال ) الجزائر ؟؟؟؟؟ لا أحد … طبعا يعرفها ويطبقها وحدهم الحاكمون الجاثمون على صدر الشعب الجزائري … فمن يقول أنا ؟؟؟ عود على بدء : تلك هي نتائج تخطيط حكام الجزائر للشعب الجزائري لطريق الانهيار السريع ، ووصلوا لذلك بسرعة خارقة لأن نصف قرن في عمر الشعوب هي دقائق وثواني .. فرغم مئات الملايير من الدولارات التي ربحتها الدولة خلال 50 سنة … الريع وانعدام التنمية ..