لم يجد الواقفون على موقع هسبريس إلا فقرة صغيرة ضمن مقال تركيبي طويل نشرته وكالة الأناضول، لجعله عنوانا لنفس المقال الذي أعاد نشره، أمس الاحد، الموقع الاكثر زيارة على وجه كوكب الارض، حول الدروس الحسنية بالمغرب.. وعكس عنوان المقال الاصلي ومضمونه الذي يشيد ب"الدروس الحسنية" في المغرب، أصرّ اصحاب هسبريس على تغيير حقيقة ما جاء في المقال من خلال وضع عنوان مثير ويطرح عدة اسئلة حول الغاية من إعادة نشره بحذافيره مع تغيير عنوانه الاصلي: " الدروس الحسنية".. جامعة رمضانية ينفرد بها المغرب منذ نصف قرن"، ليصير :" الريسوني ينتقد إسراف علماء في مدح الملك خلال "الدروس الحسنية"، كذا!
عنوان هسبريس المثير يوهم القراء والمتتبعين ان الامر يتعلق بنقد بناء وباتجاه عام يرفض مدح الملك، إلا ان قراءة المقال تكشف ان الغرض من العنوان يناقض مضمونه لأن العنوان ما هو إلا مقتطف صغير من تصريح لأحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الغطاء الفقهي والشرعي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وهو تصريح ضمن تصريحات أخرى لشخصيات لم ترغب هسبريس في استعمال مقتطفات منها كعنوان للمقال الذي أعادت نشره، لأن ذلك بكل بساطة لا يتوافق مع توجهها الميّال لايديولوجية الإخوان المسلمين وفرعهم بالمغرب الذي يعتبر الريسوني أحد اعمدته وزعمائه..
مقال وكالة الاناضول، الذي اعادت نشره وتشويهه هسبريس من خلال عنوان مثير أريد به باطل، يشيد بالدروس الحسنية ويعتبرها جامعة رمضانية و"سُنة" ينفرد بها المغرب في رمضان يحضرها علماء وفقهاء ومشايخ ودعاة وقراء من المغرب وخارجه.
الدروس الحسنية التي اعتبرتها وكالة الاناضول "نقطة مضيئة" على طول المقال، لم تجد فيها هسبريس إلا فقرة صغيرة جدا تشكل نشازا، لتعنون بها المقال بعد إعادة نشره، وهو ما يكشف الخلفيات التي ينطلق منها أصحاب الموقع، خاصة ان لهم سوابق في مجال التهجد على المؤسسة الملكية وامارة المؤمنين ومحاولة نشر مواقف بعض الاشخاص التي تعتبر آراؤهم نشازا في المشهد السياسي والثقافي بالمغرب..
ولنعد إلى ما صرح به الريسوني، احد أعمدة الاخوان المسلمين الذي يتستر وراء فقه المقاصد لإخفاء حقيقة توجهاته الاخوانية، حيث جاء في مقال وكالة الاناضول أن "أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وصف هذه الدروس الدينية بأنها "سُنة حميدة ومفيدة"، وأردف للأناضول أن "ما يزيد من فائدتها هو كونها تعرض مباشرة على الإذاعة والتلفزيون، فيتابعها جمهور الناس مباشرة".
وتابع أن "العلماء يختارون بأنفسهم موضوعاتهم، ما يجعلها تعكس اهتماماتهم العلمية والفكرية، وهي لا تخضع لأي رقابة قبلية أو أي تدخل أو توجيه".
ورأى الريسوني أن "ما يعاب على بعض العلماء المشاركين في هذه الدروس هو إسرافهم في المدح، مما قد يستغرق نصف الدرس أو أكثر، دون أن يظهر للدرس أي رسالة أو غاية علمية يقصدها".
هذه إذن تصريحات الريسوني لوكالة الاناضول، وهي تصريحات كلها إشادة بالدروس الحسنية، إلا فقرة صغيرة لا قيمة لها أمام كل ما اقله نائب القرضاوي، لأنه يصدر عن موقف معروف وكلنا يتذكر ما قاله بخصوص إمارة المؤمنين بالمغرب وهي مواقف لا تخرج عن أفكار الإخوان المسلمين الذين يريدون إرجاعنا إلى القرون الغابرة لإقامة دولة خلافتهم وفق ما يعتقدون انه سنة ومنهاج نبوي..
ما يكشف ان أصحاب هسبريس يسايرون الإخوان في موقفهم من إمارة المؤمنين، هو عنوان المقال الذي جاء فيه " الريسوني ينتقد إسراف علماء في مدح الملك خلال "الدروس الحسنية"، ولم يأت بصيغة " الريسوني ينتقد إسراف علماء في مدح أمير المؤمنين خلال "الدروس الحسنية"، رغم ان الريسوني لم يذكر لا "الملك" ولا "امير المؤمنين" في تصريحه لوكالة الاناضول.. بالإضافة أنه لوحده الذي تطرق للمدح وليس جميع العلماء كما جاء بالموقع المشبوه.
وإذا استحضرنا موقف الريسوني من إمارة المؤمنين فإننا نفهم جيدا لماذا لم يكتب اهل هسبريس في العنوان "أمير المؤمنين" وفضلوا وصف الملك، ونحن نعرف جيدا الفرق بين المؤسستين، خاصة ان الامر يتعلق بدروس حسنية رمضانية تدخل في إطار الانشطة الدينية التي يشرف امير المؤمنين عليها بهذه الصفة أكثر من صفته كملك..
أما بخصوص قول الريسوني في تصريحه لوكالة الاناضول بأنه "يلاحظ تراجع في مستوى ونوعية العلماء المختارين المدعوين لهذه الدروس"، فإن هذا القول يخالف الحقيقة وما على المتتبعين إلا العودة لتفحص قائمة الحاضرين للتأكد من ذلك، حيث ان الدروس استقطبت كبار العلماء وأقطاب الفكر الديني والاسلامي من كل ربوع الأرض، واغلبهم لن يصل الريسوني ولو إلى كعبهم ولا يمكن مقارنتهم به..
إن قول الريسوني بأننا "لم نعد نر كبار العلماء، الذين كانت دروسهم تحبس أنفاس الملايين، لمعرفة ماذا سيقولون من أفكار واجتهادات ومواقف"، يدخل في إطار تبخيس الدروس الحسنية الرمضانية، التي حضرها عام 1999، وألقى آنذاك درسا أمام أمير المؤمنين، تحت عنوان "مقاصد البعثة المحمدية"، ولأن الريسوني لم يعد له ما يقوله أو يضيفه في هذا المجال فإن المسؤولين عن استدعاء العلماء لم يجدوا نفعا في استدعائه، وهو ما أغاضه وجعله يهاجم الدروس والعلماء بهذا الشكل..