عرفت قضية الصحفي توفيق بوعشرين، مالك أخبار اليوم المحبوس على ذمة الاتجار في البشر والاغتصاب، منعطفا جديدا، بعد أن حاول دفاعه استغلال وثيقة صادرة عن فريق العمل الأممي حول الاعتقال التحكمي، وجعل من هذا القرار بديلا عن الترافع القانوني والحاجة إلى تبيان أوجه القضية القانونية، إذ اعتبر الفريق المذكور أن بوعشرين معتقل بصفة تحكمية وينبغي إطلاق سراحه على وجه السرعة. وقد أخطأ الفريق الأممي أو تعمّد الخطأ لأن مهامه تتعلق بشخص يظل معتقلا رغم إنهاء مدة محكوميته، أو شخص اعتقل من غير سلطة قضائية، وفي الأولى بوعشرين لم يمض من عقوبته سوى سنة وبضعة أشهر، أما في الثانية فإن الفريق الأممي يتذكر عام "البون" فيما يتعلق بالنيابة العامة أيام كانت خاضعة لوزارة العدل أما اليوم فإنها تتمتع بكامل استقلاليتها وتمتعها بصفة السلطة القضائية دون منازع.
لكن الأساسي من كلامنا هو لماذا يلجأ دفاع بوعشرين إلى مؤسسة أجنبية ضد محكمة مغربية؟
المعروف أن قضية بوعشرين لا تتعلق بحرية الرأي ولا بكتاباته الصحفية، التي كان يسرقها من كتاب أجانب، ولا بما تنشره صحيفته، ولكن بطرف آخر وهم الضحايا من النساء اللواتي اشتغلن معه أو وضعهن القدر في طريقه، وهن من تقدمن بالشكايات ضده باعتباره مغتصبا ومستغلا وتاجرا في البشر، وعلى ضوء هذه التهم فتحت النيابة العامة تحقيقا باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المتخصصة، وطوال شهر رمضان من السنة الماضية اضطرت المحكمة إلى عرض أشرطة فيديو تدين هذا الأخير، الذي واجهها بالضحك كأنه غير معني، وواجهها دفاعه بالضجيج وعقد الندوات الصحفية.
بغض النظر عن طريقة صدور هذا القرار، ونعرف جيدا كيف يتم طبخ القرارات في مثل هاته المؤسسات التي نقبل كثيرا من قراراتها من باب الإحراج والإلزام، بغض النظر عن ذلك فإن لجوء فريق دفاع بوعشرين إلى هذه الوثيقة ليجعل منها فتحا مبينا في المرافعة يعتبر مغالطة كبيرة، وإساءة إلى هيئة الدفاع عموما.
مغالطة لأن القرار خاطئ من حيث منشئه لأنه يخص حالات لا تنطبق على بوعشرين نهائيا، وإساءة لهيئة الدفاع لأنه لجوء إلى الأجنبي واحتماء به في قضية تهم منازعة قانونية مغربية، واستقواء على المؤسسات بمؤسسات من الخارج، في سلوك يذكرنا بسلوك الجيلالي الزرهوني بوحمارة، الذي احتمى بالانجليز ضد بلده، وليس غريبا عن هذه المجموعة القيام بهذه الخطوة لأن محورها هو توفيق بوعشرين، الذي ظل طوال سنوات عديدة يقوم برحلات مكوكية يلتقي خلالها رعاة التآمر العربي في عواصم معروفة. وحاول الاستقواء على بلده في عز الربيع العربي ولما تورط في جرائم أخلاقية أراد الاستقواء بفريق أممي يمكن أن نسائل بدقة التزامه بالموضوعية المفروضة في تحقيقات من هذا النوع.
ففريق الدفاع فشل في الدفاع عن موكله، وفشل في استحضار المعطيات التي يمكن أن تبرئ المتهم أو تخفف عنه، فلجأ إلى هاته الحيلة قصد تعطيل المحاكمة أو التشويش عليها، ناسيا أن القضاء في المغرب دخل مرحلة جديدة من الاستقلال عن كافة السلط مما يمنح قراراته ميزة "الحق مع الحجة" و"الباطل مع الضجة".