تحول المغرب في السنوات الأخيرة إلى جهنم التي تحرق نارها عناصر المافيات الدولية، الباحثة عن بعض الدول للإختباء بعيدا عن أعين المطاردة، لكن الأمن المغربي كانت رسالته واضحة: المغرب لن يكون جنة للهاربين من العدالة في بلدانهم. مناسبة هذا الكلام هو اعتقال أحد أبرز زعماء المافيا الإيطالية المعروفة ب"لاكامورا"، وهي أخطر أنواع المافيا بل إنها الأخطر حتى من بين المافيا الإيطالية، المعروفة دوليا بشراستها وعنفها بل بذكائها الإجرامي وقدرتها على التستر وتمويه الأعين الأمنية.
اعتقال هذا المافيوزي الخطير يؤكد أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني طورت أدوات الرصد والمتابعة والمراقبة، حتى أصبح الإفلات من عيون الأمن المغربي بمثابة الدخول في سم الخياط أي ثقب الإبرة، وذلك في إطار المساهمة المغربية القوية والتعاون الكبير في مجال مكافحة الجريمة الدولية، التي حاولت تطوير أدوات اشتغالها، لكن زعماء المافيا أخطأوا الظن بالأمن المغربي عندما اعتقدوا أن بإمكانهم اللجوء إلى المغرب للاختباء وقضاء ما تبقى من أعمارهم.
نعم يمكن أن يقضوا ما تبقى من أعمارهم هنا في المغرب آمنين مطمئنين "واكلين شاربين"، لكن طبعا في السجن، لأن المغرب لن يكون أرضا آمنة للمجرمين، في وقت يحتضن الناس من كل بقاع العالم لكن في إطار القانون.
العملية التي نفذها الأمن المغربي بفضل المعلومات التي وفرتها "الديستي" تعتبر ضربة قوية للعصابات الإجرامية ذات الطابع الدولي، العابرة للقارات، التي كانت تعتقد أن المغرب الحلقة الأضعف في المنطقة، لكن كما يقال "العود اللي تحقرو يعمي عينيك"، وحاولوا مرارا تجريب حظهم، وانطلقوا من المحيط الأطلسي لعلهم يفلتون من الأعين الساهرة، وحملوا إلينا أطنانا من المخدرات الصلبة "الكوكايين"، لكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية تصدى لهم في عمليات نوعية.
كل المحاولات التي دشنتها المافيا الدولية تجاه المغرب باءت بالفشل وتبين أنه ليس الحلقة الأضعف ولكنه المفتاح الأقوى لمحاربة الظواهر الإجرامية الدولية، وذلك لسببين: الأول هو الاحتكام إلى التقنيات والآليات الحديثة وتطوير المناهج والأدوات القمينة بمواجهة الظاهرة الاجرامية، والثاني هو التوفر على موارد بشرية أمنية تتميز بنكران الذات تعلي من مصلحة الوطن ناسية أن لها مصحة خاصة أصلا، وهذا ما جعل المافيات الدولية تعجز عن اختراق هذا الحصن المنيع.
الحرب على المافيات الدولية نقطة مضيئة أخرى تنضاف إلى سجل الأمن المغربي بعد براعته في مكافحة الخلايات الإرهابية وتعقب الإرهابيين، وبعد الضرب بقوة في عقر دار مافيات الهجرة السرية والعصابات الدولية للاتجار في البشر، والمواجهة الصارمة للشبكات الدولية المتاجرة بالمخدرات، وبهذه العملية يكون الأمن المغربي قد اقتحم مجالا جديدا وأظهر فيه قدرة عالية من المهنية والإتقان.