ذ. الرجواني : خبرة تسع سنوات من الربيع العربي تؤكد حاجتنا إلى فقه تدبير المراحل الانتقالية استبعد الأستاذ عصام الرجواني، الباحث في الحركات الاجتماعية وقضايا الانتقال الديمقراطي، أن تكون الاحتجاجات الجارية التي يشهدها المحيط الإقليمي موجة ثانية من الربيع العربي بل هي “استمرار تفاعلات نفس المسار الانتفاضي الذي عم المنطقة العربية منذ التجربة التونسية”. غير أنه سجل فارقا نوعيا بين السياق الثوري سنة 2011 واليوم، والمتمثل في أن البلدان العربية التي تشهد ديناميات ثورية الآن ويقصد الجزائر والسودان تحديدا، “يوجد بين أيديها تراث خصب وخبرة نوعية امتدت على طول أكثر من تسع سنوات شهد فيها العالم العربي ثورات وثورات مضادة، يمكن أن تفيد بشكل كبير في ترشيد الفعل الثوري حتى يأخذ مداه الاستراتيجي ويستفيد من أخطاء الماضي وإيجابياته ويتمكن من إعادة التأسيس والبناء لما تم تفكيكه”. و استخلص الرجواني “أهم خلاصات هذه الخبرة الاستراتيجية” وهي أن “عملية البناء والتأسيس أصعب بكثير من عملية التفكيك، خاصة وأن إسقاط رأس النظام لا يعني بالضرورة إسقاط النظام نفسه كما شهدنا مع النماذج الانتفاضية السابقة”. وهو الاستنتاج الذي يحيل بدوره على “صعوبة تدبير المراحل الانتقالية، خاصة في سياق التفكيك الجدلي الذي طال البنيات الاجتماعية والروابط التضامنية في المجتمعات العربية بفعل الاستبداد السياسي الذي عمر لعقود من الزمن”، معتبرا أن ما نشهده اليوم في الجزائر والسودان خير دليل على ذلك “فبعدما استطاعت هذه الشعوب أن ترغم أنظمتها السياسية على التراجع والرضوخ للإرادة الشعبية (استقالة بوتفليقة، عزل عمر البشير) فإن القوى التي استلمت مباشرة زمام تدبير ما تدعي أنه “مرحلة انتقالية” هي المؤسسات العسكرية، باعتبارها القوى المنظمة الوحيدة في المنطقة العربية في سياق العجز المزمن عن توليد قوى اجتماعية وسياسية مدنية تضطلع ببناء الدولة الجديدة وتعمل على تحصينها بالقانون والدستور وبقيم التعاون والتشارك والتوافق حول عقد اجتماعي وسياسي جديد”.