شهدت مدينة نامور البلجيكية، يوم الخميس 17 يوليوز، حادثة مأساوية راحت ضحيتها رضيع يبلغ من العمر 15 شهرا، بعدما نسيه والده داخل السيارة لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، مما أدى إلى وفاته نتيجة إصابته بارتفاع حاد في حرارة الجسم (فرط الحرارة)، وفق ما أكدته النيابة العامة المحلية. وحسب المعطيات الأولية للتحقيق، كان الأب في طريقه صباحا لإيصال طفله إلى الحضانة، قبل أن يتوجه مباشرة إلى مقر عمله ناسيا الطفل داخل السيارة المركونة في موقف خاص. ولم تُكشف الكارثة إلا مع حلول المساء، عندما توجه جدّا الطفل إلى الحضانة لايصاله، ليكتشفا أنه لم يحضر طيلة اليوم، ما دفعهما إلى الاتصال بالأب، الذي عاد إلى السيارة ليجد طفله جثة هامدة. وفي بلاغ رسمي، أوضحت النيابة العامة أن طبيبا شرعيا عاين جثة الطفل وأكد أن الوفاة ناجمة عن فرط الحرارة. كما تم فتح تحقيق قضائي بتهمة القتل غير العمد، في انتظار استكمال كل المعطيات المحيطة بهذه المأساة. هذه الواقعة المؤلمة تعيد إلى الأذهان حادثة مشابهة شهدتها بلجيكا قبل سنتين، عندما لقيت رضيعة في السادسة من عمرها حتفها بعد أن نسيتها والدتها داخل السيارة أثناء توجهها للعمل بمستشفى في منطقة جيلي. وهي حوادث تبرز خطورة ما وصفه مختصون ب"وضعية الطيار الآلي" في الدماغ، حيث يفقد الإنسان تركيزه الكامل بسبب الإرهاق أو الضغط، ويتصرف وفق روتين يومي يجعله يغفل عن تفاصيل أساسية قد تودي بحياة أقرب الناس إليه. وفي هذا السياق، أكدت الأخصائية النفسية إيميلي ماروا أن الدماغ يمكن أن يدخل في حالة تشغيل تلقائي خاصة في ظل الإرهاق الشديد، ما يؤدي إلى تجاهل عناصر مهمة من المحيط، داعية الآباء إلى ضرورة منح أنفسهم فترات راحة لتفادي الوقوع في مثل هذه المواقف المأساوية. من جهة أخرى، كشف مهنيون في قطاع الطفولة المبكرة أن دور الحضانة في بلجيكا لا تلزمها القوانين الحالية بإشعار أولياء الأمور عند غياب الأطفال، وهو ما يطرح تساؤلات حول ضرورة مراجعة هذه القواعد. وتقترح بعض الحضانات اعتماد تطبيقات ترسل إشعارات للأهالي، في خطوة لتعزيز السلامة. في انتظار تفعيل مثل هذه الإجراءات، تبقى توصيات الخبراء موجهة نحو توعية الآباء بضرورة اتخاذ احتياطات ذاتية، بما في ذلك استخدام أجهزة تنبيه تركب على مقاعد الأطفال داخل السيارات، والأهم، الحفاظ على التوازن النفسي والجسدي وسط ضغوط الحياة اليومية.