ظل موقف الإتحاد الأوروبي المعبر عنه بواسطة أجهزته التقريرية من ملف الصحراء محكوم بتطور النزاع و بالتقدم المحرز في الملف و في جدية مختلف الأطراف خاصة منها المغرب الذي أثبت أنه شريك أساسي للإتحاد الأوروبي و أثبت من خلال مختلف مقترحاته و تحركاته السياسية، ثم على مستوى تعاطيه المسؤول مع الإتحاد الأوروبي خاصة في اللحظات التي انطلق فيها النقاش المفتوح، الصريح أثناء التحضير لتوقيع مختلف الاتفاقيات الفلاحية و المتعلقة كذلك بالصيد البحري التي عززت الشراكة بين المغرب و الاتحاد الأوروبي، و جعلت من هذا الأخير ينظر بمنظار مختلف لمداخل الحل السياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء حيث لم يقتصر الأمر فقط بتأكيده على دعم المسلسل السياسي الأممي و هو دعم لا يرتبط فقط بموقف عادي، بل بموقف قوي اتجاه التطور الذي شهده الملف داخل أروقة الأممالمتحدة خاصة مع القرارات الأخيرة للأمم المتحدة التي دعت بشكل صريح إلى البحث عن » حل سياسي عادل، متوافق بشأنه بروح و دينامية جديدة » و عندما تحدث مجلس الأمن عن ضرورة الوصول لحل سياسي بروح و دينامية جديدة فهذا يعني أن الدينامية السابقة التي تم تجاوزها عمليا من طرف الأممالمتحدة قد تم إقبارها، و هي دينامية » استفتاء تقرير المصير » لينتصر مجلس لحل سياسي جديد يعكس هذه الروح التي تحدث عنها مجلس الأمن، و هي الروح التي جسدها المغرب و تجسدت في مبادرة الحكم الذاتي التي تستجيب مضامينها للمعايير التي وضعتها الأممالمتحدة لإنهاء هذا النزاع المفتعل، و بالعودة للموقف الذي تم التعبير عنه من طرف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيف بوريل الذي تبنى الخيار الجديد للأمم المتحدة و لمجلس الأمن لتسوية الملف سياسيا، فهو بذلك يدعم خيارا سياسيا بالمعايير التي أشرنا إليها سابقا، و هي المعايير المعبرة مضمونها على دعم الحكم الذاتي كمبادرة تبعث روح جديدة و تطلق دينامية تعكس هذا التوجه السياسي الجديد، لذلك فتطابق رؤية الإتحاد الأوروبي مع رؤية و قرارات مجلس الأمن يؤكد رغبة الاتحاد الاروبي من جهة في طي هذا النزاع المفتعل، من جهة أخرى في دعم سياسي صريح للمغرب و لرؤيته التي طرحها لإنهاء هذا الملف. ما يعزز ما تم طرحت سابقا، هو أن الأمر لا يتعلق فقط بموقف سياسي أروبي معزول، بل برؤية تتقاطع فيها عدة تحركات سياسية دبلوماسية و مؤسساتية لأجهزة الإتحاد الأوروبي هو ما يتعلق بالمفاوضات التي تمت بينه و بين المغرب حول تجديد اتفاقيتي التبادل الفلاحي و الصيد البحري الذي بموجبها عادت السفن الأوروبية للمياه الصحراوية المغربية وفق اتفاق محدد محترم للقانون الدولي و للسيادة المغربية السياسية و الإدارية على كافة مياهه الإقليمية المتواجدة ضمن إقليم الصحراء الغربية المغربي، هذه التفاهمات و الإتفافيات لم يكن لها أن تنجح دون إشراك المغرب للساكنة المحلية من خلال ممثليها المنتخبين ديموقراطيا المشكلين لمختلف الأجهزة المحلية و الجهوية للمؤسسات المنتخبة بالأقاليم الصحراوية التي تقدر في حوالي ألف منتخب مشكلين لما مجموعه 33 جماعة محلية متواجدة بالأقاليم الجنوبية الصحراوية و أربع غرف مهنية حيث أن عملية إشراك هؤلاء المنتخبين تمثلت في المشورة التي استند عليها المغرب و قدمها للإتحاد الاروبي من أجل تجديد الاتفاقية الفلاحية معه حيث كان لرأي الممثلين المحليين القول الحاسم في هذا التجديد و كان موقفهم الذي يعبر عن طموح الساكنة المحلية في التنمية و في شراكة حقيقية مع أروبا تنعكس إيجابيا إلى الوضع الاقتصادي العام بالصحراء، حاسم في تجديد الاتفاقية تمثل كل ذلك في التقرير الاروبي الذي تم و وجهه للمجلس و البرلمان الأوروبي EESA إعداده من لتعمل اللجنة المكلفة بالتجارة الدولية بمهمة استطلاعية عبارة عن تقصي للحقائق في الأقاليم الجنوبية، حيث توج كل ذلك بقرار أروبي صريح بتجديد و توقيع الاتفاقية الفلاحية، هنا لابد و أن يطرح سؤال من يمثل الساكنة الصحراوية و من يحمي مصالحها و من يعتبر أمام المنتظم الدولي خاصة على المستوى الأوروبي المخاطب إلى جانب المغرب في الشراكات التي يوقعها معه، فإشراك الإتحاد الاروبي للممثلين المحليين في المفاوضات و جلوسهم معهم لم يكن فقط أمرا شكليا في المسار الذي سبق توقيع الاتفاقيات بل كان تعبير عن قرار سياسي و موقف مؤسساتي للجهة التي تم اعتبارها هي المخاطب و هي الموكول لها الحديث باسم الساكنة المحلية الصحراوية و تمثيلها. فالموقف الاروبي حسم بشكل نهائي الجدل القائم حول من يمثل الساكنة الصحراوية و انتصر للتمثيلية الديموقراطية و المدنية المتواجدة بالأقاليم الصحراوية و أنهى عمليا أكذوبة شعار » البوليساريو الممثل الشرعي » للساكنة الصحراوية