كتب المحرر الدبلوماسي في صحيفة "الغارديان" باتريك وينتور قائلا إن الدور الكبير الذي باتت تركياوروسيا تلعبانه في ليبيا يعقّد من جهود السلام هناك. وقال إن الخطط لوقف دائم لإطلاق النار وافق عليها دبلوماسيون من 15 دولة يوم الإثنين، ووجهت بالتدخل الخارجي والمتزايد من دولتين خارجيتين وهما روسياوتركيا. وينظر إلى النزاع الليبي على أنه جزء من الخلاف الجيوسياسي تلعب فيه السياسة التركية الخارجية الحازمة التي تتراوح من شرق المتوسط إلى أذربيجان دورا مهما فيه. وقبل لقاء الدبلوماسيين أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن التزام بلاده العسكري تجاه حكومة الوفاق الوطني بشكل جعل من خروج القوات التركية من ليبيا احتمالا قليلا. وفي نفس الوقت تحرك المرتزقة الروس من شركة فاغنر القريبة من الكرملين لتقوية دفاعاتهم العسكرية. ووعد أردوغان في اجتماع على مستوى وزاري عال عقد في اسطنبول يوم الأحد بين حكومة الوفاق الوطني والحكومة التركية بتوسيع الاستثمار التركي في ليبيا، وذلك بعد اتفاق التنقيب عن النفط بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 ويمر عبر حقوق التنقيب التركية القبرصية في شرق المتوسط. وتتوسط ألمانيا التي استضافت اللقاء الأخير بين تركيا واليونان ومنعت حتى هذا الوقت الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات على تركيا بسبب إرسالها سفنا حربية وسفن تنقيب عن الغاز والنفط في المياه القبرصية والتركية. وعرض على تركيا محادثات مع الاتحاد الأوروبي حول الجمارك المحدثة للاتحاد مقابل موافقتها على الوساطة الأوروبية في حقوق التنقيب. ونظرا للدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق الوطني والذي أدى لهزيمة قوات الجنرال خليفة حفتر، فتركيا هي الطرف الأقوى في التعاون بين البلدين. ويمكن لأنقرة استخدام الاتفاق مع طرابلس كورقة نفوذ مع أوروبا. وقال حلفاء أردوغان إن لقاء اسطنبول كان محاولة لإقناع رئيس الوزراء فائز السراج بالتراجع عن استقالته نهاية الشهر الحالي والتي أدت إلى صراع على السلطة في حكومة غرب ليبيا. وكان الصراع واضحا بين الميليشيات في غرب ليبيا وتم عزل مسؤولين كبار فيما وصف بمكافحة الفساد، مع أن الخطوات هي تعبير واضح عن صراع السلطة. وفي نفس السياق، تعيش منطقة شرق ليبيا التي تسيطر عليها قوات ما يعرف بالجيش الوطني الليبي حيث يحاول اللاعبون في الشرق تقوية وضعهم للحصول على دعم من القوى الخارجية بما فيها روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة. وخرقت الإمارات العربية المتحدةوتركيا قرار الأممالمتحدة الذي يحظر تصدير السلاح إلى ليبيا والذي وصفته المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز بأنه "نكتة". وصوتت روسيا ضد نشر تقرير في مجلس الأمن يكشف عن أسماء الدول والشركات التي تقوم بنقل الأسلحة إلى طرفي النزاع في ليبيا. وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في الاجتماع الافتراضي عن فرصة نادرة للسلام، ولكنه أضاف أن "على الأطراف الخارجية المؤثرة تقديم السلام.. وخرق الحظر على تصدير السلاح هو فضيحة ويضع أسئلة حول التزام الأطراف المشاركة بالسلام". واستضافت ألمانيا مؤتمر برلين في كانون الثاني/ يناير، وتحولت إلى وسيط موثوق في العملية السلمية، وتحاول إقناع الأطراف بتشكيل حكومة وحدة وطنية قبل الانتخابات العامة والمقترحة، وتأمل بالبناء على اللقاءات الأخيرة التي عقدت بين الشرق والغرب في مصر والمغرب وسويسرا. وبناء على الخطة، سيتم إنشاء مجلس رئاسي قوي من ثلاثة أعضاء يمثلون مناطق ليبيا الثلاث (برقة وفزان وطرابلس). وعُقد اللقاء لتحديد الشخصيات الثلاث والمؤسسات مثل المصرف المركزي في المغرب. ووعدت الولاياتالمتحدة التي تتهم بتجاهل ليبيا، ولهذا فقد سمحت لروسياوتركياوالإمارات ببناء موطئ قدم للتنافس، بنشر "ترسانتها الدبلوماسية" للتسوية السلمية. وأصبح زعم ألمانيا البناء على اتفاقيات برلين محتملا بعد الهزيمة النكراء لحفتر وانسحابه من طرابلس. ومنذ ذلك الوقت، حاول منافس حفتر السياسي، عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق تقوية موقعه وتأثيره ولعب دورا مهما في المحادثات مع حكومة الوفاق الوطني. إلا أن حفتر لم يهمَش بشكل كامل، واستخدم سيطرته على منشآت النفط لهندسة اتفاقيات مع بعض الفصائل في غرب ليبيا في 17 أيلول/سبتمبر قاد إلى عودة جزئية لإنتاج النفط. وأوقف حفتر إنتاج النفط في كانون الثاني/ يناير مما حرم البلاد من 10 مليارات دولار من الموارد التي تحتاج إليها بشكل ملحّ. وبدأ الإنتاج بالارتفاع إلى 300 ألف برميل في اليوم. ويأمل حفتر من هذا الاتفاق إظهار أنه لا يزال لاعبا مهما، وعلى القوى الخارجية التعامل معه. ويتركز معظم النزاع في ليبيا حول كيفية التوافق على توزيع الموارد النفطية. فمعظم حقول النفط موجودة في شرق ليبيا حيث يتم نقل كل موارد النفط إلى شركة النفط الليبية التي توزع الثروة على مناطق ليبيا حيث يتم إنفاقها على رواتب القطاع العام. واستخدم حفتر المليشيات للسيطرة على حقول النفط، ولكنه لم يستطع بيعه في السوق العالمي.