كان عيبا أن يتفرج عاشق كرة مغربي في كأس آسيا للأمم. وكان ذلك بمثابة غياب ذوق. وكان مضيعة للوقت. وكان شيئا لا يليق بمتتبع كرة قدم محترم. وعشنا حتى ظهر جمهور مغربي يهتف “برافو يا عنابي”. ويشجع منتخب قطر. وبلا خجل يكتبون عنابي هذه في الفيسبوك. ويعبرون عن فرحتهم بالفوز. وكل ما لم يكن بالإمكان تخيله حققته هذه الإمارة الصغيرة. وبدل البرازيل. وألمانيا. وإيطاليا. والأرجنتين. أحيانا الله حتى رأينا بأم أعيننا المدرسة العنابية. وجمهورا مغربيا متعنبا. وقد بدت السعادة على تعليقات البعض. بشكل لم يحدث لهم مع منتخب بلادهم. وليس في المغرب فحسب. بل نقلت قناة الجزيرة فرحة الغزاويين في المقاهي وهم يحملون أعلام قطر. ويا تميم المجد. ويقفزون من مقاعدهم مع كل هدف يسجل في مرمى الإماراتيين. ولأن قطر معجزة. وقوة ناعمة. فقد نجحت أيضا في جعل فلسطينيي غزة يخترعون عدوا جديدا هو الدول المحاصرة للدوحة. ويفرحون لهزيمة الإمارات. والسعودية. كما خرج”المقيمون” للاحتفال. والإخوان المسلمون. وربما الأتراك. أما شباب العدالة والتنمية في الفيسبوك فقد كان يحلق في السحاب. وكان قطريا. وكان سكران بهذا الانتصار. والحقيقة الساطعة. والتي لا ينفيها عاقل. أن قطر يمكنها أن تصبح أي شيء. وأن لا مستحيل بالنسبة إليها. وقادرة على أن تجعل من المغربي قطريا. ومن الفلسطيني ومن المصري. ومن الفقيه. ومن رجل الدين. ومن الكافر. ومن العدمي. ومن اليساري. ومن اليميني. قطريا. وأمام إغرائها فكل شيء قابل لأن يتقطر. والشجر. والماء. ويوما ما سيصرخ الحجر: أنا عنابي. وسيرقص الحصى ويغني عنابي يا عنابي. وكل كائن حي. وكل جماد سوف يتعنب. ولا حسد. ويوما ما ستغير القوانين. وسيصبح ميسي قطريا. والذي لا يحب قطر الآن. فإنه سوف يحبها في المستقبل. وهذا أمر حتمي. ولا ريب فيه. ومسألة وقت فقط. ويوما ما سوف يصبح العالم كله عنابيا. وسوف نتعنب جميعا. وتتعنب السماء. والنجوم. والكواكب. وسوف تنزل الكائنات الفضائية وهي تشجع العنابي. وفي المريخ. وفي القمر. وفي قاع البحر. وفي عالم الأسماك. وفي الأدغال. سنسمع صدى عنابي. وسيزأر الأسد باسم قطر. والدلافين. والحنكليس. وأبو موسى. وأم أربع وأربعين. وليس بعيدا أن تفوز قطر بكأس العالم. وليس بعيدا أن تشتري العالم. وتخوصصه. وقد اشترت مورينيو. واشترت كزافي. واشترت نيكولا ساركوزي. واشترت باريس. واشترت فريق باريس. واشترت الكلام. واشترت الصمت. والمهدي بنعطية يلعب الآن في فريق اسمه الدحيل. ومن لم يتعنب اليوم سوف يتعنب غدا وكل شيء سيتقطر. ومن لم يحدث له ذلك. فهو غير نافع. ويعيش في زمن آخر. وها أنا بدوري أستسلم. وأومن بالمعجزة. وها صوتي يبح عنابي يا عنابي ولأول مرة سأتفرج في مقابلة من مقابلات كأس آسيا وسأشجع قطر ضد اليابان وعندما نفوز سأعبر عن فرحتي في الفيسبوك وسأحمل علم قطر لأن لا حياة ولا أمل في هذا العالم ولا مكان فيه ولا موطىء قدم لكل من يرفض أن يتعنب. عنابي عنابي عاش العنابي أنا عنابي.