[email protected] اعتلت القضية الوطنية الأولى لدى المغاربة أولوية اهتمامات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج خلال سنة 2019، حيث تخلت هذه السنة عن مبدأ رد الفعل لتستلهم مقاربة صنوانها الإستباقية في تدبير قضية الصحراء، من خلال حضور وازن تقدمت بموجبه أشواطا ضمن مشوار الألف ميل في القضية المعمرة لأرعة وأربعين سنة. “كود” سلطت الأضواء الكاشفة على آداء وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج طيلة سنة 2019، ورصدت أهم المكاسب المحققة على مستوى قضية الصحراء بمجلس الأمن الدولي والإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي، وأوجه تدبير الملف لتحجيم الأطروحة المناقضة وتسيبج إنتشارها قبل وأدها بصفة نهائية بدول متعددة على غرار الإفريقية منها. 1- توقيع اتفاقية الصيد البحري بين المملكة المغربية والإتحاد الأوروبي ببروكسيل رغما عن أنف جبهة البوليساريو : أول أحداث سنة 2019 أو بالأحرى أول المكاسب المحققة على صعيد قضية المغاربة الأولى، كان بتاريخ الرابع عشر من يناير 2019، حيث إستكملت وزارة الشؤون الخارجية عملا إنطلق منذ ما يزيد عن الثمانية أشهر في سبيل أجرأة التصور المغربي المبني على الرؤية الملكية القاضية بعدم توقيع أي إتفاقية دون إحترام الطرف الآخر للسيادة الوطنية، حيث تميزت تلك الفترة بإجراء سلسلة لقاءات قادها الوزير ناصر بوريطة مع مختلف مسؤولي الإتحاد الاوروبي كمفوضة الأمن والسياسة الخارجية نائبة رئيس مفوضية الإتحاد الأوروبي، فيديريكا موكَوريني، وكذا تنظيم سلسلة زيارات للبرلمانيين الأوروبيين لمدن العيونوالداخلة، وإشراك العنصر الصحراوي في مقاربة المنافحة عن الوحدة الترابية للمملكة عبر تقديمهم لجملة من الشهادات بالبرلمان الأوروبي لبسط الحقيقة التنموية الراسخة بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، مُفلِحة بذلك في إقناع الأوروبيين بتوقيع الإتفاقية وفقا للشروط المغربي وبمقابل مادي تجاوز عائدات الإتفاقية السابقة. 2- قمة أديس أبابا ونيامي حذف الفقرات الخاصة بالصحراء في تقرير مجلس السلم والأمن الإفريقي لسنة 2019: إتجهت الدبلوماسية المغربية خلال سنة 2019 بثقلها للإتحاد الإفريقي تماشيا والرؤية الملكية، حيث عملت على الدفاع عن المصالح العليا للمغرب والترويج لموقفه الشرعي بخصوص قضية الصحراء داخل الاتحاد الإفريقي، لتُثمر تلك الجهود تلافي أي قرار يخص قضية الصحراء في القمتين التي شهدتهما كل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في العاشر من فبراير الماضي، وقمة نيامي في يوليوز، وذلك على الرغم من التحركات المعادية التي قادتها الجزائر مصحوبة بجنوب إفريقيا في محاولة لتمرير المغالطات بخصوص الملف، والزج بالمنظمة الإفريقي في النزاع رغما عن رعاية الأمم المتخدة له بشكل حصري وفق قرارات قمة انواكشوط يوليوز 2017. 3- جولة جنيف 2 حضور جزائري كطرف : شاركت المملكة المغربية في جولة جنيف الثانية بخصوص قضية الصحراء في 21 و22 مارس الماضي من موقع قوة بحضور منتخبين وفاعلة حقوقية من الأقاليم الجنوبية للمملكة، معرية بذلك أطروحة “الممثل الوحيد” للصحراء. حضور الفعاليات السياسية والحقوقية المنحدرة من الأقاليم الجنوبية، كل من حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، والخطاط ينجا رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، والفاعلة الحقوقية فاطمة العدلي، حشَر جبهة البوليساريو في الزاوية، ليُجسّد بشكل جلي إنخراط أبناء الصحراء في الدفاع باستمامة عن السيادة الوطنية ومبادرة الحكم الذاتي، مانحين الدبلوماسية المغربية دفعة كبيرة قبل دخول الجولة الثانية من العملية السياسية في جنيف. 4- تنظيم المؤتمر الوزاري الإفريقي حول دعم الاتحاد الإفريقي للمسلسل الأممي بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء بمراكش : جسدت وزارة الشؤون الخارجية المغربية في سنة 2019 مقولة “دبلوماسية خلية النحل” على المستوى الإفريقي، إذ باشرت بتوجيهات ملكية تحركات مكثفة بالقارة الإفريقية عبر سلسلة لقاءات أجراها الوزير ناصر بوريطة مع نظرائه الأفارقة في سبيل بسط التصور المغربي حول قضية الصحراء وتبديد الاصور المعادي، إنتهت بتغيير جذري في مواقف العديد من الدول الإفريقي المصنفة مسبقا كمناصر لجبهة البوليساريو. جملة التحركات التي قادتها الدبلوماسية المغربية توجت في مارس الماضي بتنظيم المؤتمر الوزاري الإفريقي حول دعم الاتحاد الإفريقي للمسلسل الأممي بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء في مراكش، بمشاركة 37 بلدا إفريقيا، وذلك في سياق حشد الدعم لقرار القمة الإفريقية رقم 693 الذي جدد التأكيد على الاختصاص والرعاية الحصرية للأمم المتحدة في حل النزاع الإقليمي حول الصحراء، بالتزامن ومؤتمر قادته مجموعة “سادك” في بيتوريا لدعم البوليساريو، حيث أجاب مؤتمر مراكش عن سؤال محوري يتعلق بمستوى الدعم الذي تلقاه قضية المغاربة الأولى إفريقيا. 5- القرار 2468 : تكريس لدور الجزائر ولا وجود لجولة مفاوضات خامسة : حولت الدبلوماسية المغربية أنظارها شهر أبريل من سنة 2019 لمجلس الأمن الدولي، الذي يعد حلبة للسجال حول قضية الصحراء في شهر أبريل من كل سنة، وموعدا هاما لحشد الدعم من القوى الدولية الفاعلة، حيث أفلحت طيلة الشهر وإلى غاية إعتماد القرار 2468 في تحجيم الدور الجنوب الإفريقي-الجزائري المشترك. إعتمد مجلس الأمن الدولي في أبريل الماضي قراره رقم 2468، موجها بفِضل الدبلوماسية ضربات قاتلة للأطروحة المعادية تجسدت في تكريس الجارة الشرقية الجزائر كطرف مباشر في النزاع وعلى نفس المستوى مع المغرب من خلال دعوتها للمشاركة الإيجابية في العملية السياسية، فضلا عن تصحيحه لمفاهيم حاولت الجزائر ترويجها على غرار “جولة مفاوضات خامسة” وهو المفهوم الذي فنده مجلس الأمن باستعماله لمصطلح “العملية السياسية” الذي فرضته المملكة المغربية باعتباره مغايرا لما سبق وبعيدا عن الإخفاقات السابقة التي ميزت أربع جولات من المفاوضات المباشرة، بالإضافة لتأكيده على الرعاية الحصرية للأمم المتحدة للنزاع ومنع أي تدخل فيه من طرف أي جهة أخرى في إحالة على الإتحاد الإفريقي، علاوة على الإشادة بالتنمية التي يقودها المغرب في الصحراء، وإستحضار المبادرة المغربية للحكم الذاتي. 6- تعزيز تمثيلية منتخبي الأقاليم الجنوبية في أشغال الدورة العادية للجنة 24 : دشنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج سنة 2019 مسارا جديدا في قضية الصحراء، حيث عمِلت على تفنيد جملة من الأطروحات التي إرتبطت إلى وقت قريب بالملف على غرار ” التمثيلية الشرعية للصحراويين “، وذلك عبر الوقوف على مشاركة منتخبي الأقاليم الجنوبية للمملكة في أشغال الدورة العادية للجنة 24 المنعقدة بنيويورك في يونيو 2019. هذه المشاركة فندت أسطورة “الممثل الوحيد” لساكنة الصحراء التي تروج لها جبهة البوليساريو، وعززت الشرعية الديمقراطية لمنتخبي الصحراء في تمثيل ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، بالنظر لكونهم منتخبين بفِعل إستحقاقات ديمقراطية وبأصوات الساكنة الأصلية التي وضعت ثقتها فيهم نقيض جبهة البوليساريو التي سطت على الصفة دونا عن أية عملية إنتخابية. 7- قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2494 عودة للتمديد سنة كاملة والجزائر طرف : عادت قضية الصحراء مجددا لواجهة مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر الماضي، إذ إعتمد قراره رقم 2494 الذي نص على تجديد الولاية الإنتدابية للبعثة الأممية في الصحراء امدة سنة كاملة لفسح المجال أمام تعيين مبعوث أممي جديد خلفا للمستقيل في ماي الماضي، الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر. وجسّد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2494 التفوق الدبلوماسي المغربي الكبير على الرغم من رئاسة جنوب إفريقيا ثاني أكبر معادي للوحدة الترابية للمملكة للمجلس في شهر أكتوبر، حيث نجحت الدبلوماسية المغربية في محاصرة بعض المقترحات المعادية المرتبطة بشق حقوق الإنسان، وكذا تحقيق انتصار مهم تعلق أساسا بتسمية الجزائر كطرف على نفس المستوى وبذات الصفة مع المغرب وجبهة البوليساريو وموريتاتيا، فضلا عن إستحضار الحكم الذاتي كحل للملف، وتكريس كيفية حل الملف الذي وصفه القرار بالسياسي والواقعي والعملي الدائم المتفق عليه، في إحالة على إقبار حل الإنفصال الذي تروج له جبهة البوليساريو. 8- تسليط الضوء على وضعية حقوق الإنسان الكارثية فتندوف : خصصت الدبلوماسية المغربية طيلة سنة 2019 حيزا مهما لشق حقوق الإنسان في قضية الصحراء، مميطة بفضل لقاءات ماراطونية نشطتها فعاليات حقوقية من الأقاليم الجنوبية اللثام عن الوضعية الحقوقية المأساوية بمخيمات تندوف، حيث عرض هؤلاء الوجه الحقيقي لوضعية حقوق الإنسان والإجراءات العقابية التي تستلهما جبهة البوليساريو في حق الأصوات المعارضة. الدبلوماسية المغربية إستغلت أيضا جل لقاءاتها ومشاركاتها في الفعاليات الدولية لفضح الخروقات القانونية والإنسانية والأخلاقية في مخيمات تندوف، حاثة المنتظم الأممي على اتخاد الإجراءات العملية اللازمة، بدءا بالسماح للمفوضية السامية للاجئين بالقيام بواجبها في إحصاء ساكنة هذه المخيمات، وتمتيع هذه الساكنة بالحماية الإنسانية الدولية، وتمكينها من حقوقها الأساسية، وفي مقدمتها حرية التعبير والتنقل. 9- دجنبر : شهر سحب الإعترافات وفتح قنصليات في العيونوالداخلة : إستغلت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مؤتمر جبهة البوليساريو 15 وإستفزازاتها بعقده في تفاريتي بالمنطقة العازلة، لتسديد سلسلة ضربات للأطروحة المعادية، حيث عمدت أولا على الإحتجاج بمجلس الأمن الدولي قبل القيام بخطوات عملية إستهلتها بأقناع دول من قبيل الليسوتو وجامايكا على سحب الإعتراف بجبهة البوليساريو منذ بداية الشهر، وتأكيد موقفها من الوحدة الترابية للمملكة، ثم فتح قنصلية جزر القمر بالعيون، وإعلان كَامبيا عن فتح أخرى بالداخلة، بالإضافة لتعزيز التصور المغربي لدى الإدارة الأمريكية باعتماد الصحراء كجهة من جهات المملكة المغربية على نفس المستوى مع الجهات الأخرى في برنامج المساعدات، كما أشرفت على تحديد الإطار القانوني للحدود البحرية للمغرب وسيادته على مجاله البحري عبر ترسيم حدود مياهه الإقليمية لتشمل الأقاليم الجنوبية تأكيدا بذلك على مغربية الصحراء وفقا للقانون.