تراقصت أضواء ملعب مدينة محمد بن زايد بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي تناغما مع تتويج ريال مدريد بلقب مونديال الأندية منتصف الشهر الجاري، لتتفاءل جماهير الملكي بنهاية سعيدة لعام 2017 بحصد 5 ألقاب كاملة لأول مرة في التاريخ، ولكن أبى القدر إلا أن تكون مباراة الكلاسيكو يوم السبت الماضي هي الختام الذي كان بأسوأ شكل ممكن. وقبل أسبوعين فقط من نهاية 2017، أصبح ريال مدريد هو أنجح الأندية على سطح الأرض هذا العام حيث ضم في لخزائنه 5 ألقاب محلية وقارية وعالمية، هي: الدوري الإسباني، ودوري أبطال أوروبا، والسوبر المحلي، والقاري، ثم كأس العالم للأندية، الذي تغلب في مباراته النهائية على غريميو البرازيلي، بطل كأس ليبرتادوريس، بهدف كريستيانو رونالدو، حيث لم يبق من بطولات هذه السنة إلا الدوري الأوروبي الذي حسمه مانشستر يونايتد الانجليزي، وكأس ملك إسبانيا الذي أضيف لخزائن برشلونة بعد أن أقصي الميرينغي على يد سيلتا فيغو في ربع النهائي. بدأ أبناء المدرب الفرنسي زين الدين زيدان بحصد الثمار أواخر مايو الماضي بحسم لقب الليغا في الجولتين الأخيرتين، أتبعها مطلع يونيو التالي بالتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا. كان تألق كريستيانو رونالدو بثنائية في شباك المخضرم جانلويجي بوفون، حارس يوفنتوس الإيطالي، في نهائي كارديف هو ما حسم الكأس "الثانية عشر" للملكي في التشامبيونز ليغ، وهي الثانية تواليا، لتكون هذه هي المرة الأولى منذ 59 عاما التي يحقق فيها ثنائية الدوري المحلي ودوري الأبطال. ووضع زيدان النادي الملكي في قمة سجل الأرقام القياسية، فهو أول مدرب يفوز باللقب القاري مرتين متتاليتين، وبعد أن كان "متهما" بوقوف الحظ إلى جانبه في أولى خطواته المهنية كمدير فني، تمكن النجم الفرنسي من إسكات تلك الأصوات بتقديم موسم 2016-17 لا تشوبه شائبة، ليختتمه بفوز كبير على منافس مثل اليوفي في نهائي التشامبيونز بنتيجة 4-1. كما واصل رونالدو، الذي اختير أفضل لاعب في النهائي القاري، تحطيم الأرقام القياسية والتاريخية، فأصبح أول لاعب يسجل في ثلاث نهائيات بدوري الأبطال، وهداف البطولة في آخر خمس سنوات على الترتيب. وكان أداؤه الرائع في البطوله مفتاحا لتسجيله 16 هدفا في آخر 10 مباريات منها، لتكون الكرة الذهبية من نصيبه هذا العام للمرة الخامسة في مسيرته الاحترافية. قبل ذلك بأسبوع، نجح مانشستر يونايتد في إضافة لقب جديد إلى خزائنه التي لم يكن ينقصها سواه، وهو الدوري الأوروبي. وكان فوز المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مريحا في نهائي مدينة سولنا (السويد) والذي كان من طرف واحد أمام أياكس الهولندي، الذي اختفى تماما طوال اللقاء، ليتحقق انتصار الإنجليز بهدفي بول بوغبا وهنريك مختاريان. وبذلك، ضُرب موعد بين "الملكي" و"الشياطين الحمر" على لقب السوبر الأوروبي بمدينة سكوبيه (عاصمة مقدونيا)، والذي ابتسم فيه القدر لأبناء الميرينجي بنتيجة (1-2) بعد تألق إيسكو ألاركون، الموهوب، وتفوق زيدان على شجاعة يونايتد-مورينيو، ليمحو الريال الأداء الباهت في معسكر الصيف بالولايات المتحدة استعدادا لموسم 2017-18 الجاري ويحقق لقبه الثالث لعام 2017. استمر ريال مدريد في التألق في المواعيد الرسمية، فبعد أيام من الإطاحة بالفريق الانجليزي في سوبر القارة العجوز، تفوق أبناء زيدان ذهابا وإيابا، بفضل تألق إيسكو الذي أضيف إليه بريق أسينسيو الشاب، على الغريم التقليدي برشلونة في السوبر الإسباني بنتيجة (1-3) و(2-0). انتقلت جماهير الريال بعد ذلك للاحتفال بالجوائز الفردية التي سيطر عليها كريستيانو، والذي توج بجائزة "الأفضل" (أو The Best) التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لأحسن لاعب في العام، وهي المرة الثانية على التوالي التي يفوز بها البرتغالي بهذه الجائزة التي منحت للسنة الثانية، أي أنه فاز بالنسختين الأوليين منها عامي 2016 و2017. وهو نفس الحفل الذي شهد تتويج زيدان بنفس اللقب في فئة المدربين، في حين شهد الفريق المثالي لهذا العام من قبل الفيفا ظهور لاعبين آخرين من الملكي، وهم: سرخيو راموس ومارسيلو ولوكا مودريتش وتوني كروس. تلا ذلك فوز رونالدو مطلع ديسمبر الجاري بالكرة الذهبية الخامسة في مسيرته، معادلا عدد ما حصل عليه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، وهما المتنافسان الأبرز منذ سنوات وحتى الآن في عالم كرة القدم، ثم على لقب هداف بطولات اليويفا في 2017 برصيد 27 هدفا، 9 منها مع الريال في دوري الأبطال و8 مع منتخب بلاده في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2018 بروسيا. بعدها، سافر زيدان مع لاعبيه إلى دولة الإمارات العربية، وهم يمنون النفس بحصد لقب مونديال الأندية، للمرة الثانية تواليا أيضا، وهو ما نجحوا فيه بعد تخطي فريق الجزيرة المحلي في الدور قبل النهائي بهدفين لواحد، وقع عليهما رونالدو وجاريث بيل، ثم الفوز على جريميو البرازيلي بهدف "الدون" أيضا. ظن الجميع أن هذه ستكون أسعد نهاية لعام 2017 ، وشرع الجميع في الاحتفال لكن النهاية لم تكن بنفس القدر من السعادة أو نفس المستوى من البريق، بعد تلقي هزيمة مريرة أمام البرسا بثلاثية نظيفة. اهتم مدرب البلانكو بكيفية تحجيم تحركات الأرجنتيني ليونيل ميسي الخطير، فدفع بلاعب وسطه الكرواتي ماتيو كوفاسيتس في التشكيلة الاساسية لكلاسيكو البرنابيو على حساب المهاجم إيسكو ألاركون، ساعيا لتكرار نجاح الأول في مباراتي السوبر المحلي، ولكنه نسي أن الأخير كان من أبرز مفاتيح الفوز في نفس اللقائين. ويبدو أن كوفاسيتش، الذي يحظى في العادة بإشادة الجميع بسبب ثبات مستواه وأدائه الطيب في أغلب الأحيان، قد اختلط عليه الأمر واهتم، بشكل مبالغ فيه، بكيفية إيقاف مهارة "البرغوث" الفائقة ليرتكب خطأ لا يغتفر أدى لتسجيل الهدف الأول، الذي قد يشترك في تحمل مسئوليته خط دفاع الريال الذي لم يحسن التغطية حتى بعد خطأ الكرواتي. وأثناء تفكير المدرب الفرنسي في تصليح خطأه والإفراج عن إيسكو، الذي ظل أسير مقاعد الاحتياط طيلة اللقاء، أتته كارثة ثانية تمثلت في تلقي ظهيره الدولي داني كارباخال لبطاقة حمراء مباشرة بسبب تعمده لمس الكرة باليد داخل المنطقة بداعي منع تسجيل الهدف الثاني، ولكنه أقصي من اللقاء واحتسبت ركلة جزاء ترجمها ميسي بنجاح، ليعصف بأي امكانية لعودة فريقه. هزيمة ثقيلة داخل الديار، خيمت آثارها على انجاز كبير داخل قلعة سانتياغو برنابيو وعلى جماهير الميرنغي الذين صدموا بالنتيجة، في ظل أداء مخيب في بطولة الدوري الإسباني منذ انطلاقة الموسم الحالي. أضيف إلى خيبة النتيجة، ابتعاد ريال مدريد عن غريمة المتصدر بفارق يصعب تذليله، إن لم يكن يستحيل على أرض الواقع إن استمرت الظروف الحالية كما هي بعد فترة أعياد الميلاد، وهو 14 نقطة تضعه في المرتبة الرابعة من جدول الترتيب.