تستمر وزارة التربية الوطنية في البحث عن خارطة طريق لتجويد المدرسة العمومية، بإجرائها مشاورات وطنية موسعة عرفت أزيد من 100 ألف مساهمة فعلية، عبّأت الوزارة لإنجاحها 7000 من الأطر الإدارية والتربوية. وتفيد المعطيات التي قدمتها وزارة التربية الوطنية بأن الورشات المنظمة في إطار المشاورات الوطنية حول خارطة تجويد المدرسة العمومية، شارك فيها ما يزيد على 80 ألفا، من تلاميذ وأساتذة وأطر وأولياء الأمور. وبحسب المصدر نفسه، فقد بلغ عدد الزيارات لمنصة "مدرستنا" التي أحدثتها الوزارة لهذا الغرض 277 ألف زيارة، وشكلت الاستمارات محور اهتمام أغلب الزيارات، حيث تم الاطلاع على استبيان المواطن 112 ألف مرة، وتمت تعبئة 22 ألفا و190 استمارة. وتأتي المشاورات الوطنية حول خارطة تجويد المدرسة العمومية وسط انتظار النقابات التعليمية من وزارة التربية الوطنية "المرور من مرحلة التشخيص إلى مرحلة التنفيذ"، في ظل وجود مخططات إصلاح سابقة لم تُنفذ توصياتها. وتنتظر النقابات ما سيلي المشاورات الموسعة التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية، بعد تقديم التقارير التركيبية على صعيد الجهات خلال شهر شتنبر المقبل، "فالأمور بخواتيمها"، كما يقول عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي. وربط الإدريسي إثمار المشاورات المذكورة لأثر إيجابي على المدرسة العمومية بمدى وجود إرادة سياسية لدى صانع القرار، وبمدى نجاعة القرارات التي يفترض أن تُتخذ على المستوى المركزي، والجهوي، والإقليمي، والمحلي (داخل المؤسسات التعليمية). وامتدت المشاورات الوطنية حول خارطة تجويد المدرسة العمومية على عشرة أسابيع، من 5 ماي إلى 6 يوليوز، تحت شعار "من أجل تعليم ذي جودة للجميع"، وشارك فيها 21 ألفا و837 أستاذة وأستاذا، في إطار 1761 مجموعة تركيز. وتروم الوزارة الوصية من المشاورات الوطنية حول تجويد المدرسة العمومية، "إغناء خارطة الطريق وتنزيل الأوراش ذات الأولوية خلال الخمس سنوات المقبلة، من أجل تعليم ذي جودة ينتصر لقيم الإنصاف وتكافؤ الفرص ويخدم المصلحة الفضلى للناشئة التربوية". وأكد عبد الرزاق الإدريسي أن نتائج الفعل السياسي على المنظومة التربوية تتطلب زمنا لتثمر نتائج، ولا يمكن توقع جني ثمار أي إصلاح في المدى القريب، غير أنه استدرك بأن هناك برامج ومخططات إصلاح بُوشرت منذ سنوات طويلة ولم تعط نتائج. وزاد قائلا: "ما نتمناه هو ألا نصل إلى نهاية الأجل المحدد لتنفيذ الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، أو سنة 2035، تاريخ نهاية أجل تنفيذ النموذج التنموي الجديد، ونعيد نفس نتائج التشخيصات الموجودة حاليا، ونقول إن التلاميذ المغاربة ضعيفو المستوى، وليسوا متمكنين من اللغات، وغير ذلك". وتبدي نقابات تعليمية قلقها بشأن قدرة وزارة التربية الوطنية على تنفيذ المخططات الرامية إلى إصلاح المنظومة التربوية، لا سيما في ظل عدم وجود مؤشرات على قرب إخراج النظام الأساسي لموظفي الوزارة، الذي من المفترض أن يرى النور، بحسب اتفاق 18 يناير، قبل نهاية شهر يوليوز الجاري. وقال الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي إن الوتيرة التي يتم بها تحضير النظام الأساسي الذي من شأنه أن يحسّن وضعية موظفي وزارة التربية الوطنية ويستقطب الكفاءات إلى مجال التدريس، ليست كافية لكي يصدُر في الأجل المحدد له، "اللهم إذا كانت الوزارة تتوفر على مشروع جاهز يتم تطويره في إطار النقاش مع النقابات".