بدا طالب إيفواري مرتبكا وهو يلج القاعة رقم 4 بمحكمة عين السبع الابتدائية بالدارالبيضاء؛ تقدم ببطء صوب القاضي ليسلمه وثائق الإقامة بالمغرب، ومعها تنازل عن شكاية موضوعة ضد متهم كان في حالة هيجان قبل اعتقاله، إذ حطم أبواب ونوافذ الجيران في العمارة التي يقطنها بالمدينة ذاتها، ليختتم الليلة بإلحاق كسور في وجه الطالب، ويتركه مضرجا في الدماء، قبل أسابيع. خلال جلسة عقدت بداية الأسبوع الجاري بالمحكمة الابتدائية عين السبع بالدارالبيضاء، وجد الطالب الإيفواري، الذي كانت علامات الخوف بادية عليه، نفسه مضطرا لتقديم تنازل عن الشكاية في حق معتقل متهم بتخريب ممتلكات خاصة والاعتداء وإحداث الفوضى. ورغم تأكيد القاضي وهو يخاطب هذا الطالب الأجنبي أن الفعل الذي قام به المتهم لا يستحق الصفح عنه، إلا أن الشاب الإيفواري أصر على التنازل عن الدعوى، في وقت وضعت عريضة من 18 شخصا ضد المتهم، وهو من ذوي السوابق القضائية أربع مرات. وبعد أداء اليمين، قال المواطن الإفواري أمام القاضي: "تعرضت لكسر على مستوى الوجه جراء الاعتداء، كما تسبب لي في كسور على مستوى الفم والأسنان". وحكى الشاب ذاته وقائع تلك الليلة التي ستظل راسخة في ذهن طالب اختار المغرب لمواصلة دراسته والاستقرار به قائلا: "كنت قادما من صلاة الفجر، فوجدته بباب العمارة، وعندما أردت تجاوزه للدخول قال لي 'مُونْ أَمِي' (صديقي) ناولني هاتفك، قبل أن ينهض وينهال عليَّ بالضرب". وتابع المتحدث نفسه أمام القاضي وهو بالكاد يستطيع إخراج الكلمات: "وجَّه إليَّ لكمات قوية على مستوى الوجه والفم، وتسبب لي في كسور بالفكين والأسنان، قبل أن يواصل ضربي بحزام سروال". واللافت في الأمر أن هذا الطالب، وبعد تقديم روايته وتنازله، سيعود من جديد عقب مغادرته القاعة صوب القاضي، مؤكدا تعرضه لمضايقات من طرف أفراد أسرة المتهم بسبب المشاهد التي قدمها للمحكمة، لتطلب منه الأخيرة التقدم بشكاية لدى وكيل الملك في حال تعرضه لأي تضييق أو اعتداء. وواجهت المحكمة المتهم القابع في سجن "عكاشة" بالعريضة الموقعة من طرف سكان العمارة، المرفقة بقرص مدمج، يتضمن صوره عاريا حاملا سيفا وهو يرعب السكان. وقال القاضي حسن السعداوي مخاطبا المتهم: "سكان العمارة عاشوا رعبا خطيرا، لَهْلَا يكتبوا على شي حد، وقمت بالروينة، والسكان يقولون يوميا في نصف الليل تزعج الجميع وتقلق راحتهم وتحدث الفوضى". المتهم، الذي اعترف بالاعتداء على الطالب الإيفواري، قال أمام القاضي: "الدواء لي تنشرب لي تايدير لي هاكا"، ليرد عليه رئيس الجلسة: "إلى الدوا تشربوا يخليك دير هاكا خاص إعادة النظر، وهذا أمر صعب.. الدواء ما تايديرش هادشي، غير نسى قصة الدواء".