إذا كان أشرف حكيمي يشعر بثقل التوقعات على أكتافه بينما كان يتقدم لتسجيل ركلة ترجيحية تاريخية للمغرب ضد إسبانيا، فإنه لم يظهرها. أظهر المدافع أعصابا فولاذية ليغمز الكرة في وسط مرمى الحارس أوناي سيمون، وتحقق بلاده الفوز 3-صفر بركلات الترجيح على المنتخب الإسباني بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي من المباراة بدون أهداف الثلاثاء. قاد لاعب باريس سان جرمان الفرنسي، المولود في العاصمة الإسبانية مدريد، المغرب إلى مرحلة غير مألوفة في تاريخ مشاركات البلاد، حيث أصبح منتخب شمال إفريقيا أول فريق عربي يصل إلى دور الثمانية في كأس العالم. وانطلقت احتفالات واسعة في المغرب وفي جميع أنحاء أوروبا التي تقطن فيها أعداد كبيرة من المغاربة، من باريس إلى بروكسل وصولا إلى برشلونة، بينما شعرت دول إفريقية وعربية أخرى بالبهجة أيضا. على الرغم من أن المدرب وليد الركراكي فضل أن ينسب الفضل إلى الفريق عوضا عن الأفراد، فإن حكيمي هو أحد لاعبيه المتميزين بلا أدنى شك. يتمتع بحضور ديناميكي ومتفجر؛ فهو مغرم بالانطلاقات السريعة التي تخوله الانضمام إلى الهجوم، مع الحفاظ على الانضباط في الدفاع. تدرب حكيمي مع منتخب إسبانيا على مستوى الشباب، قبل أن يحسم ولاءه لموطن والديه. وصرح لصحيفة "ماركا" الإسبانية قبل المباراة: "ذهبتُ أيضا إلى المنتخب الإسباني لتجربته". وأضاف: "كنت مع منتخب لا روخا لبضعة أيام، ورأيت أنه لم يكن المكان المناسب لي، لم أشعر بأنني في المنزل". وتابع: "لم يكن ذلك بسبب أي شيء على وجه الخصوص؛ ولكن بسبب ما شعرت به، لأنه لم يكن ما كان لدي في المنزل، وهو الثقافة العربية، كوني مغربي. أردت أن أكون هنا". لعبت هذه الروابط العائلية دورا مهما في المغامرة التاريخية للمغرب. أثارت صورة حكيمي، البالغ من العمر 24 عاما، وهو يقبل والدته في المدرجات بعد الفوز 2-0 على بلجيكا في دور المجموعات، ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي. سُمح لعائلات الفريق بالبقاء على مقربة، مما يتيح للاعبين الشعور بالحب الذي دفعهم في كثير من الحالات إلى اختيار اللعب للمغرب. بالإضافة إلى حكيمي، وُلد العديد من اللاعبين الآخرين في بلاد أخرى؛ لكنهم اختاروا الدولة الواقعة في شمال إفريقيا. قال سفيان بوفال، المولود في باريس، بعد فوزه على إسبانيا: "بالنسبة لي، أمي هي أهم شيء في حياتي". وأضاف: "بالطبع (كانت تبكي)، العواطف في هذه اللعبة تجعلك مجنونا. دعم عائلتك هو أهم شيء". النهضة ينحدر حكيمي من عائلة متواضعة كانت تعيش في ضاحية خيتافي بمدريد. كانت والدته تعمل عاملة نظافة في المنازل، بينما كان والده بائعا متجولا. وقال حكيمي في عام 2018: "أنا أقاتل كل يوم من أجلهما، لقد ضحيا بنفسيهما من أجلي، وحرما إخوتي من أشياء كثيرة، لكي أنجح". ظهر حكيمي لأول مرة مع المغرب في عام 2016، بينما كان لا يزال لاعبا في ريال مدريد الإسباني، حيث فاز بدوري أبطال أوروبا مع "لوس بلانكوس"؛ لكنه لم يثبت نفسه بشكل كامل. أُعير لمدة عامين إلى بوروسيا دورتموند الألماني، ثم وقع بشكل دائم مع إنتر الإيطالي. بعد موسم قوي في إيطاليا، حيث فاز بلقب الدوري، قام باريس سان جرمان الفرنسي بضمه في عام 2021. وبعد فوزه بلقب الدوري الفرنسي، وصل حكيمي مع المغرب إلى كأس العالم وهو مستعد لأداء المهمة التي يحتاجها الفريق على الرغم من مكانته كنجم. أبدع حكيمي في لحظات كثيرة في قطر، حيث مرر كرة متقنة سجل منها يوسف النصيري ضد كندا؛ لكن دوره الأبرز تمحور في التأسيس لأقوى دفاع في كأس العالم. تلقى هدفه الوحيد خلال الفوز 2-1 على كندا، بعد أن خطف "أسود الأطلس" تعادلا رائعا أمام كرواتيا وصيفة 2018، ثم هزموا بلجيكا فإسبانيا أخيرا بركلات الترجيح. كما نال الجناح حكيم زياش الثناء، بعد عودته من فترة الاستبعاد بسبب خلاف مع المدرب السابق البوسني وحيد خليلودجيتش؛ لكن حكيمي كان موجودا مع منتخب بلاده في السراء والضراء. والآن، مع الحضور الجماهيري الغفير للمغاربة في الدوحة، فضلا عن الدعم من بعيد، سيحصل حكيمي ورفاقه على رافعة قوية السبت أمام البرتغال في ربع النهائي.