في الفترة الأخيرة؛ وخلال التداول بشأن إرساء الهدن الإنسانية بين القوات العسكرية الإسرائيلية وحركة حماس؛ حضرت إلى قطر أبرز أجهزة الاستخبارات العالمية، في مقدمتها وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" والاستخبارات الإسرائيلية MOUSSAD"" وأجهزة الاستخبارات البريطانية "MI6′′، علاوة على المخابرات المصرية "G.I.S"، يشدها هدف رئيس هو الكشف عن أسرار أنفاق غزة "Gazzan Caves" التي تأوي إليها فصائل المقاومة الفلسطينية، وكيف لهذه الأخيرة أن تصمد في وجه ألوان شتى من القنابل والصواريخ التي تمطرها بها القوات العسكرية الإسرائيلية، قرابة الشهرين، والتي ذهب ضحيتها حتى الآن قرابة مليون قتيل من المدنيين، جلهم من الأطفال والنساء؟! وجه الحيرة والذهول أحيانا يكمن في جماعات مسلحة بعتاد لا يرقى؛ ولو بنسب ضعيفة؛ إلى مستوى ما عليه الآليات الجهنمية التي استقدمتها إسرائيل خصيصا لدك تضاريس غزة وأنفاقها، وقنبلتها؛ عارية أو مبنية؛ لدرجة أن القنبلة الواحدة من "BLU-109" تزن 875 كلغ، كانت تحدث هوة وارتجاجات أرضية، بعمق يصل أحيانا إلى 20 مترا!... وتتعاظم هذه الحيرة والذهول أكثر، حينما يقف خبراء الاستراتيجية الحربية عن حجم الخسائر من الجند في صفوف القوات العسكرية الإسرائيلية، ناهيك عن الرعب الذي تولد لديها تجاه هذا المارد الجبار الكامن تحت الأنفاق، حتى تحول لدى معظمهم إلى كوابيس، فأمراض نفسية ألزمتهم مصحات خاصة. توصيفات خرافية أُلصقت بالأنفاق مازالت العديد من المصادر العسكرية تروج لأنفاق غزة؛ بكثير من الخوارق واللامألوف؛ بعضهم ذهب بعيدا ليصنفها بمثابة مدينة فوق مدينة، بمرافقها وأزقتها وفتحاتها الرقمية، بينما ذهب آخرون إلى وصفها بدهاليز مرقمة، تمتد إلى مساحات 500 كلم2، ويجتهد هؤلاء بأن لها فتحات موالية للساحل، منها تتلقى إمداداتها وعتادها، في حين، أن فريقا ثالثا زعم أن خبراء روس في بناء الأنفاق والتحصينات، هم الذين أشرفوا على تطوير هندستها، وفقا لمستويات تكنولوجية عسكرية متقدمة، استغرق بناؤها حوالي خمس سنوات. بيد أن صمود فصائل المقاومة الفلسطينية لأكثر من شهرين أربك حسابات العديد من الخبراء العسكريين في إسرائيل، وفي مقدمتهم أمريكا، وبالتالي أخذوا يطرحون مقاربات عديدة للتخلص من هذه الأنفاق/الكابوس، على رأسها محاولة إغراقها بمياه البحر، رغم ما تنطوي عليه من مهالك، في مقدمتها مقتل الرهائن، علاوة على إخراج جغرافية تربة غزة من دائرة التأهيل الزراعي أو البشري، لاختزانها مواد سامة جراء مواد الانفجارات وتحلل أشلاء الضحايا تحت الأنقاض. رهان القوات العسكرية الإسرائيلية اتضح حتى الآن؛ وبعد كل السيناريوهات العسكرية التي استنفدتها إسرائيل في حربها على غزة؛ أن ورقة واحدة هي التي باتت تراهن عليها، تتمثل في إبادة ما تبقى من مواطني غزة، والاستفراد آنذاك بالأرض، أو بالأحرى تطويقها واصطياد مقاتلي المقاومة الذين سيضطرون؛ في زعم إسرائيل؛ إلى الخروج من الأنفاق بعد نفاد عديدهم وعددهم! إلا أن هذا الرهان سيكون من العسير كسبه في ظل اشتداد الضغوطات السياسية على إسرائيل، الداخلية منها والخارجية بإيقاف مجازرها أولا وفك أسر الرهائن ثانيا، فضلا على الجهل المطبق؛ لدى الطرف الآخر؛ بخفايا كتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية عموما، وقد يكون واردا؛ في حالات جد قصوى؛ لجوء المقاومة الفلسطينية إلى تفخيخ كل مسارب الأنفاق ودهاليزه والضغط على أزراره لتتحول إلى براكين بحمم تفوق في قدرتها ثلاث إلى أربع قنابل نووية.. لتُغرق كل القوات الإسرائيلية الجاثمة على أرض غزة.