قدْ لا يُصدّق المرءُ إنْ سَمع عن عائلة مُكوّنة من عدّة أفرادٍ يعيشون جنْبا إلى جنب، تحت سقفٍ واحد مع حيوانات، يأكلون في المكان نفسه، وينامون فيه، في تعايُش أمْلتْه أحوال الطبيعة، حينما زمجرت الوديان وفاضتْ، وجرفتْ معها بيوت السكان وممتلكاتهم، وتركتْ عائلاتٍ كثيرة بلا مأوى. في جماعة تلوات المحاصرة وسط جبال ورزازات، تعيش عائلة المواطن بوظيك محمد، المكوّنة من أسرته وإخوته المتزوجين وأبنائهم، وضعا مأساويا، بكلّ ما للكلمة من معنى، بعد أن وجدوا أنفسهم مضطرين إلى العيش في غرفة مظلمة، يتقاسمونها مع بقرة وخروفيْن. العائلة لا تقتسم فضاء الغرفة الضيّقة والمظلمة مع حيواناتها، بل تتقاسم معها أيضا الطعام، فعلَفها هو ما تبقّى من بقايا من طعام الأسرة من الخبز وقشور الخضر، وعندما دخلنا إلى الغرفة رفقة أفراد الأسرة وجدنا خروفا صغيرا يبحثُ عن المائدة الخشبيّة عمّا يأكل، بعد أن جرفت السيول كلّ شيء. عائلة بوضيك كانت تتوفر على مسكن لكل أسرة إلى جاءت الأمطار الطوفانية التي ضربت المنطقة قبل أيام فجرفت ما جرفت، وهدمت ما تبقى بدوار "ثلاث إمزيلن" ولم يتبقّ من ثلاثة منازل كانت تأوي كل أسرة إلا غرفةٍ واحدة من أحد منازل الإخوة مهددة بالانهيار هي الأخرى في أي لحظة. الغرفة تخترقها الشقوق في كل مكان، يعيش بداخلها أزيد من 18 فردا من العائلة التي لم تجد ملجأ آخر تأوي إليه، فيما التجأ البعض منهم إلى الخيرية الإسلامية، وهناك يقضون الليل بدون أغطية ولا أغذية، وعند الساعة الثامنة صباحا يكونون مُلزمين بمغادرة الخيرية. غير بعيد عن عائلة بوضيك هناك أسر أخرى تعاني في صمت؛ هنا، الخراب في كل مكان، مما دفع الناس إلى بيع مواشيهم وأبقارهم والالتجاء لدى أهاليهم الذين نجوا من سيول الفيضانات ومازالت منازلهم تصارع من أجل البقاء، فيما غادر البعض إلى خارج الإقليم هربا من الموت والجوع الذي يحاصر الناس بعد أن تهدمت بيوتهم ونفقتْ مواشيهم وأبقارهم . مجموعة أخرى من المنكوبين اختاروا مدّ اليد من أجل لقمة العيش بعد أن فقدوا كل شيء في انتظار أن يلتفتَ المسوؤلون إليهم، ويخفّفوا من وطأة معاناتهم التي ما تزال مستمرّة، حتى بعد أن هدأتْ أحوال الطقس.