عبد الفتاح الحجمري، رئيسُ لجنة القراءة المكلّفة بانتقاء مشاريع النشر والكتاب المُؤهّلة للاستفادة من الدّعم السنوي الذي تخصّصه وزارة الثقافة للقطاع، لم يخف كون مجال النشر والقراء يعيش مفارقةً تتمثّل في كوْنه يشهد حيويّة مهمّة على صعيد النشر والتوزيع، في مُقابلِ تدنّي مستوى القراءة وسط المجتمع المغربيِّ. ما عبّر عنْه الحجمري زكّتْه وزارة الثقافة، في التقديم الذي صدّرتْ به نتائج طلباتِ عروض مشاريع النشر والكتاب، بقولها إنّ قطاع النشر والكتاب بالمغرب "يعرفُ بعْض التناقض على مستوى منظومته، فهناك غزارة وغنى وتنوّع من حيث الإبداع والإنتاج، من جهة، مقابل سلسلة إنتاجية لا تتحكم في مختلف الحلقات، من جهة ثانية". ويدفعُ هذا الوضع، بحسب "وزارة الصبيحي"، إلى تقليص الوقْع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي لقطاع النشر والكتاب. ولتجاوز الوضع الراهن، يرى مسؤولو وزارة الثقافة أنّ الأسئلة التي يفرزها واقع النشر والكتاب تقتضي مقاربة تشاركية شاملة، تتمثل في إطلاق خطة وطنية لدعم القطاع، في أفق خلق صناع ثقافية وإبداعية، وهم ما تقول الوزارة إنها تسير في منحاه. وبلغة الأرقام، فقدْ استحوذت طالباتُ الدعم المتعلقة بالمشاركة في معارض الكتاب الوطنية والدولية على نسبة 30 في المائة من القيمة الإجمالية للدعم في دورته الأولى، والتي ناهزتْ 400 مليون درهم، فيمَا استحوذتْ طلباتُ دعم مشاريع الكتاب والنشر على 25 في المائة، وتوزَّع الدعم على باقي المجالات، ومنها النشر الخاصّ بذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقون بصريا)، الذي تمّ دعْمه لأوّل مرّة. وبلَغَ عدد المشاريع المُقدّمة في مجال نشر الكتاب 349 مشروعا، تمّ قبول 147 منها، وبلَغ الدعم الممنوع لأصحابها 1,488,000 درهما؛ وفي مجال نشر المجلات الثقافية بلغت عدد المشاريع التي توصّلت بها لجنة القراءة 24 مشروعا، قُبلَ منْها 23 مشروعا، ومُنحَ لأصحابها 751,400 درهما، في حين بلغ عدد مشاريع إطلاق وتحديث المجلات الثقافية الإلكترونية 3 مشاريع، قُبل منها مشروع واحد ودُعم ب15,000 درهمٍ. وفيما يخصّ المشاركة في معارض الكتاب الوطنية والدولية فقدْ بلغ عدد المشاريع المُقدّمة 132 مشروعا، قبِلتْ منها لجنة القراءة 98 مشروعا، وتمّ دعمها ب889,100 درهما، في حين بلغَ عدد المشاريع المتعلقة بإحداث وتحديث وتنشيط مكتبات البيع 9 مشاريع، تمّ دعْم 5 مشاريع المقبولة ب77,000 درهم، وبلغت مشاريع القراءة العمومية والتحسيس بها 19 مشروعا، قُبلَ منها 13 مشروعا، ودعمت ب208,000 درهما. أما مشاريع النشر الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة فقد بلغت 3 مشاريع، دُعم اثنان منها ب273,700 درهما، في حينِ لم تتعدّ المشاريع المتعلقة بمشاركة الكتاب المغاربة في إقامات المؤلفين مشروعا واحدا (1)، تمّ رفْضه من طرف لجنة القراءة، وعلّق وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي على ذلك، في ندوة صحافية أمس الجمعة بالقول "ليس هناك اهتمام من طرف الكتاب المغاربة بهذا المجال". وكشفتِ المُعطيات التي قدّمها مسؤولو وزارة الثقافة، أنّ محْور الدارالبيضاء-الرباط يُهيْمن على قطاع النشر في المغرب، إذْ أنّ 58% من المشاريع المقبولة، حسب المُدن، ينتمي أصحابها إلى مدينة الرباط، تليها مدينة الدارالبيضاء بنسبة 27%، ثمّ طنجة بنسبة 7%، فأكادير بنسبة 4%، ثم مراكش بنسبة 3%، في حين لمْ تحْظ مرتيل التي حلّت في الرتبة الأخيرة سوى بنسبة 1%. وبيْما بلغ الغلاف المالي الذي خصّصته وزارة الثقافة لدعم مشاريع النشر والكتاب 10 ملايين درهم سنة 2015، لمْ يتمْ توزيع سوى ما يناهز 4 ملايين درهما، في الدورة الأولى، وهو ما جعل وزير الثقافة يقول إنّ الوزارة لا مانعَ لديْها من أن ترفع غلاف الدعم إلى 15 مليون درهم، لكنْ في ظلّ الوضع الراهن، ارتأتْ أنْ تكتفيَ ب10 ملايين درهم.