كشفت وثائق رسمية، حصلت عليها هسبريس، أن مجلس مدينة الدارالبيضاء أقدم على منح شركة "إدماج سكن" صلاحية الشروع في استرجاع وعاء عقاري لا يوجد في ملكية مدينة الدارالبيضاء. وتُقدر قيمة هذا الوعاء العقاري، الذي يوجد في ملكية معهد "باستور" التابع لوزارة الصحة، وتبلغ مساحته 28 هكتار، بنحو 84 مليار سنتيم تقريبا، وهو العقار الذي تم تحفيظه وتسجيله في اسم معهد باستور، بالمحافظة العقارية للدار البيضاء بتاريخ 25 أكتوبر 1940. إدانة لقرار مجلس المدينة وعبرت نعيمة المدغري، مديرة معهد باستور المغرب، عن إدانتها لقرار مجلس مدينة الدارالبيضاء الذي اتخذه الأسبوع الماضي، والقاضي باسترجاع عقار تيط مليل، رغم أنه يوجد في ملكية المعهد، ويحتضن مجموعة من الأنشطة التي يشرف عليها خبراء المعهد بعين المكان. وفي الوقت الذي لم يرد أي مصطلح يشير إلى أن تفويت هذا العقار قد تم بمقتضى هبة، وإنما عن طريق تفويت بدون مقابل مالي، قالت المدغري إنه تم تكليف محامي بمتابعة هذه القضية المثيرة للجدل، كون مجلس المدينة قرر استرجاع أرض قام بتفويتها، وتم تحفيظها في القرن الماضي لأسباب لا تمت للواقع بصلة". وأكد طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام، أنه تلقى باستغراب ما أسماه ب "ادعاء جماعة البيضاء بأنها وهبت للمعهد بتاريخ 30 دجنبر 1952 قطعة أرضية بمنطقة الشلالات تبلغ مساحتها حوالي 28 هكتارا، وهذا ليس بصحيح". ويشرح "الأرض المقام عليها المعهد مسجل بالرسم العقاري 2729/س في حين أن هناك عقد تفويت، ولا أثر لعقد الهبة، كما ورد بمذكرة التقديم التي أعدها مجلس المدينة، ما يؤكد أنه هناك رغبة في إعدام معهد باستور، باسم المضاربة العقارية بدعم من اللوبي العقاري الفاسد". وهدد السباعي بكشف أسماء شخصيات اغتنت في رمشة عين بالعمل الجماعي، إذا لم يتم سحب النقطة المتعلقة بتكليف شركة "إدماج سكن"، مضيفا أنه سيوجه احتجاجا رسميا إلى رئيس الحكومة، ووزير الصحة، ومجلس مدينة الدارالبيضاء، على تحويل "باستور" إلى ورشة للمضاربة العقارية. ووصف رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، تصويت مجلس المدينة، معارضة وأغلبية، على استرجاع أرض تيط مليل، ب"الفضيحة التي تسعى للنيل من ممتلكات عقارية مؤسسة عمومية مستقلة مسجلة ومحفظة". عمل دؤوب وقالت المدغري، التي رافقت هسبريس إلى مركز التجارب التابع لمعهد باستور في تيط مليل، "هناك منشآت وتجهيزات وأطر تعمل بجد لتوفير المواد التي تدخل في تصنيع الأمصال المضادة للسموم، ما يبين أن ادعاء مسؤولي مجلس المدينة بأن معهد باستور قد أخل ببند من بنود الاتفاقية غير صحيح". وأضافت متسائلة "العقار يوجد حاليا في اسم معهد باستور، وقد تم تحفيظه منذ سنة 1940، فهل كان من الممكن تحفيظه لو أخل المعهد في ذلك الوقت بأحد البنود؟ ثم ما هو تفسير مجلس مدينة الدارالبيضاء لوجود منشآت قائمة وفريق عمل يؤدي عمله بانتظام؟". وأوردت بأن "هذه التطورات المؤسفة التي تحز في النفس تأتي في وقت يستعد فيه معهد باستور، لإطلاق مشروع بقيمة 90 مليون درهم، لفتح وحدة خاصة بإنتاج اللقاحات والأمصال بنفس الأرض التي يسعى مجلس المدينة لنزعها من معهد باستور". وكانت نعيمة المدغري، قد أعلنت الأسبوع الماضي عن مشروع لفتح مصنع للأدوية من ضمنها لقاح "البي سي جي" المضاد لعصيات داء السل، رغبة منه في المساهمة في خفض نسبة انتشاره والوقاية منه. "باستور" يوحد المعارضة والأغلبية ويأتي موقف معهد باستور الذي انتفض ضد مجلس مدينة الدارالبيضاء، في الوقت الذي قرر فيه أعضاؤه، بكل أطيافهم السياسية معارضة وأغلبية، تكليف شركة "ادماج سكن" بتتبع إجراءات استرجاع القطعة الأرضية الجماعية ذات الرسم العقاري 2729/س بالشلالات التي منحها باشا مدينة الدارالبيضاء إلى معهد باستور. وقال مصطفى الريشي، عضو مجلس المدينة وعضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، إن تصويت أعضاء مجلس مدينة الدارالبيضاء على النقطة المتعلقة باسترجاع أرض ليست في ملكية مدينة الدارالبيضاء، ولا تتوفر على شهادة ملكيتها، أمر غريب" وفق تعبيره. وانتقد الريشي، الذي تخلف عن حضور دورة مجلس المدينة التي انعقدت الأسبوع الماضي، بسبب عدم موافقته على ميزانية ساجد، وباقي نقاط جدول أعمال الدورة 48، التصويت من دون الاطلاع على العقدة التي حصل بمقتضاها معهد باستور، على هذه الأرض. وأضاف المتحدث أن هناك من لم يتأكد ما إذا كان الأمر يتعلق بهبة فعلا، أم أن الأمر يتعلق بعملية تفويت بدون مقابل، كما تنص على ذلك اتفاقية منح الأرض للمعهد، والتي تمت المصادقة عليها من طرف سلطات الدارالبيضاء في سنة 1932، وفق الوثائق الرسمية الخاصة بهذه القضية. واعتبر الريشي أنه ليس من حق أعضاء مجلس المدينة، ولا رئيسها، المطالبة باسترجاع هذه الأرض التي تم تحفيظها سنة 1940، مادام معهد باستور قد قام بإنجاز مجموعة من المنشآت في عهد الحماية، وفي عهد الاستقلال كذلك". دور مركز التجارب بتيط مليل يعمل معهد باستور في مجال الصحة العمومية والوقاية ومكافحة الأمراض المعدية حيث يعتمدعلى مجموعة من الآليات يقوم بانتاج اللقاحات والأمصال، ضد الأوبئة ومحاربة الامراض الفتاكة وضمان استقلالية المغرب في انتاج اللقاحات والأمصال ومقاومة كل أشكال التسمم وتعزيز ورصد الإصابات وتشخيصها، من خلال استعمال أحدث التقنيات وتوظيف المعهد لخبراته في مجال التطوير والرصد الوبائي والبحث، وتوفير مجموعة موحدة للتشخيص، تتميز بالسرعة وتكون في متناول كل المختبرات. ويعتمد معهد باستور على مركز التجارب التابع لمعهد باستور في تيط مليل، من أجل توفير مضادات سموم العقارب والأفاعي الأكثر فتكا في البلاد، حيث يقول الدكتور لطفي بوسدة، المسؤول عن مركز التجارب بتيط مليل، إن هذا المركز يشكل منصة لجلب كل أنواع العقارب والأفاعي الفتاكة، من أجل استخراج سمومها وصناعة مضاداتها، قبل توزيعها على المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة. ويؤكد لطفي أن الخبرة التي راكمها أطر مركز التجارب التابع لمعهد باستور بتيط مليل تساعد في إنتاج أمصال مضادة للسموم، والتي تنقذ حياة آلاف المغاربة بكل مدن وقرى المملكة، مضيفا أن رغبة مجلس المدينة في استعادة الأرض التي توجد في اسم معهد باستور، لا يستسيغها عاقل".