(الجزء الثاني) لقد تحدثت الكتائب المجاهدة التابعة لحزب العدالة والتنمية عن كل شيء يخص ملف العمدة، ماعدا الجوهر الذي يهم المواطن البسيط، والذي لا يتعلق بالسؤال القانوني كما ادعى "بوعشرين"، بل بالسؤال الأخلاقي الذي بموجبه صوّت المواطن على هذه العصابة، التي صدّقها حينما ادعت الشرف والنزاهة، ألا وهو: هل تقدم العمدة بشهادة طبية تفيد عجزه عن العمل في شركة "ريضال" أم لا؟ وكفى. إذا لم يتقدم العمدة بهذه الشهادة الطبية "اللعينة"، فلماذا دام التحقيق معه أكثر من عشر ساعات في مقر الشرطة القضائية؟ ولماذا لم تصرح بذلك القيادات المجاهدة فتُخْرِس الألسن "البغيضة"، وتكف الأقلام "البئيسة" مثل قلمي المسموم هذا؟ ولماذا ابتلع العمدة لسانه والتزم الصمت، ولم يُدْل بأي تصريح أو تلميح حينما انتهى من التحقيق؟ لقد تعمدت القيادات المجاهدة الغموض والالتباس في سرد المعطيات، ونهجت سبل التضليل والتناقض، فتارة تتحدث عن "مغادرة طوعية"، وتارة عن "تقاعد نسبي"، وتارة أخرى تتحدث عن "تقاعد مبكر" أفضت إليه مفاوضات بين الشركة والعمدة، وكأن هذا التفاوض قد اعتمد على قوة الفصاحة، وسلاسة الشعر، وسحر البيان، ولم يعتمد على وثائق وبيانات تثبت العجز. وحتى الفئة التي أقرت بأن العمدة قد أدلى بشهادة طبية، تفيد عجزه عن عمل جد بسيط وهين، مقارنة مع منصب عمدة العاصمة، أو مدير ديوان وزير النقل، فقد حرصت على أن تُعَبر عن هذا الاعتراف بانتقاء مفردات مُخفّفَة ومُضَلِّلة، من قبيل: "ظروف خاصة"، أو "ظروف صحية" على أحسن تقدير، مما يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها. إلا أن المُلفت في الأمر، هو أن يتجند السيد مصطفى الرميد وهو وزير للعدل، ورئيس النيابة العامة، ونائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، لأن يبرئ صديقه العمدة في لجنة الشفافية والنزاهة مما نُسب إليه، مُشوشا بذلك على السير العادي للعدالة، وضاربا عرض الحائط، شعار استقلالية القضاء. لقد كانت رؤية السيد "توفيق بوعشرين" ثاقبة حينما جعل مقاله تحت عنوان: "فيلم المعتصم يعاد مع الصديقي"، لأنه بالفعل، فقد عاد حزب العدالة والتنمية لابتزاز الداخلية مرة أخرى، وعاد للتحكم في شؤون القضاء من جديد، وهذه المرة من أجل تبرئة عمدته، تماما مثلما فعل عندما ضغط على وزير الداخلية من أجل إطلاق سراح "المعتصم"، مقابل إصدار بلاغ من لدن الحزب، يعلن فيه عدم مشاركته في تظاهرات 20 فبراير. في نهاية المطاف، علينا أن نتوقف عن الاستغراب، من كون حرب الطرقات، تحصد من الأرواح البريئة كل عام، أضعاف ما أزهقته الآلة الصهيونية في حربها على غزة الأبية، مادام ديوان السيد "ربّاح" وزير النقل، يضم عددا غير يسير من الموظفين العاجزين عن العمل، وكأنه مستودع الأحياء. https://www.facebook.com/zaouch.nor/