في ورقةٍ حاولتْ من خلالها تفكيك الخطاب المستعمل من لدن المنظمات الإرهابية لاستقطاب الشباب المسلم، قالت حياة عمامو، أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، إنَّ المنظمات سالفة الذكر تستعمل خطابا "يمزج بين استرجاع الماضي وبين بؤس الحاضر"، مشيرة إلى أنّ الوضعية الهشة للمستقطبين تسهّل مأمورية اقتناعهم بهذا الخطاب. وألْقت الجامعية التونسية مسؤولية الزجِّ بالشباب المسلم في أتون الإرهاب، من خلال تحريضهم على الانضمام إلى المقاتلين في بؤر النزاعات المسلّحة، خاصة في سورياوالعراق، على شيوخ الوهابية والإخوان المسلمين، قائلة إنّهم "يستحضرون الآيات القرآنية الممجّدة للمجاهدين من أجل إقناع الشباب بأنّ مهمّتهم هي استرجاع التجربة الإسلامية زمنَ الفتوحات". واعتبرت المتحدثة ذاتها، في عرْض ألقته ضمن ندوة نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حول موضوع "الخطاب الديني والسلطة والمجتمع.. مقاربات ومقارنات"، أنَّ الجهادَ الذي تزعمه المنظمات الإرهابية لا علاقة له بالجهاد الوارد في القرآن؛ لأنَّ هذا الأخير "جاء في سياق مختلف وفي صور مختلفة"، على حدّ تعبيرها. وأوضحت حياة عمامو أنّ الجهاد لم يكن مفهوم القتال ولم يكن فرْضا على المسلمين إلا بعد هجرة الرسول وصحابته من مكة إلى المدينة، حيث بدأت ملحمة الفتح للسيطرة على الحجاز ثم الجزيرة العربية بكاملها، ثم العراق والشام وبلاد فارس ومصر ... مشيرة إلى أنّ هذا الارتباط بين الهجرة وبين الجهاد استغلّه دعاة الجهاد في العصر الحالي لتحريض الناس على الهجرة إلى سورياوالعراق. وبغض النظر عن اختلاف السياق بين التجربة الإسلامية الأولى، تضيف الجامعية التونسية، فإنّ "الجهاد" المُمارَس حاليا لا يمت إلى الجهاد الذي كان يمارسه النبي وصحابته، باعتباره كان يصبو إلى توسيع نفوذ الدولة الإسلامية، وكان الناس يخيّرون بين دخول الإسلام أو دفع الجزية، بينما الجهاد في سوريا يخيّر الناس بين الانتماء إلى الجماعات المناهضة للسلطة أو القتل. وإذا كانت الجماعات الإسلامية المتطرفة تسعى إلى إقامة دولة الخلافة، ويعتقدون أنها النظام الأمثل لعالم اليوم، فإنّهم، تقول عمامو، "ينسون أو يتناسون، أو لا يعرفون، أنَّ حُكم الخلافة تمّ استنباطه بعد وفاة الرسول وبيعة أبي بكر لإدارة شؤون المسلمين، فكان نظاما أقرب إلى حكم القبيلة، ثم أصبح مع الفتوحات نظاما إمبراطوريا، على شكل الأنظمة الامبراطورية التي عرفها العالم قبل الإسلام". أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس ذهبت إلى القول إنّ نظام الخلافة لا علاقة له بالقرآن، إذ لم يرد في النصّ القرآني ما يشير إلى مثل هذا النوع من الحكم، "فضلا عن أن عهد الخلفاء الراشدين لا يمكن أن يكون الأمثل للبشر؛ لأن البشرية عرفت خلاله الحروب القتل والسبي والطاعون المجاعة واغتيال الخلفاء، ويستحيل إرساء هذا النظام في أيامنا هذه"، على حد تعبيرها.