في خضمّ المطالب المتزايدة للشارع العربي على تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، خاصة بعد الانتفاضات الشعبية الواسعة التي عرفتها المنطقة مطلع سنة 2011، قال خبراء اقتصاديون مشاركون في ندوة بالرباط حول موضوع "الفوارق الاجتماعية والاقتصاد البديل" إنّ الاقتصاد البديل يُعدّ مدخلا أساسيا لتحقيق هدف ترسيخ العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفوارق الطبقية. ويعّرف عبد المولى إسماعيل، وهو باحث مصري في المجال الاقتصادي، الاقتصاد البديل بأنه نموذج لتجاوز نمط الاقتصادين السائدين، وهما الإنتاج الرأسمالي والإنتاج الريعي القائم في الدول ذات الطبيعية الاستبدادية، والذي تستفيد منه فئات محدودة مقربة في الغالب من السلطة ومراكز النفوذ، مضيفا أن العدالة الاجتماعية ستظل غائبة ما طالما استمرّ هذان النمطان من الإنتاج. وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريح لهسبريس على هامش الندوة المنظمة من لدن "منتدى البدائل العربي للدراسات بالقاهرة" بالتعاون مع "مؤسسة روزا لوكسمبورغ مكتب شمال إفريقيا"، أنّ المقاربة الأساسية للولوج إلى العدالة الاجتماعية بالنسبة إلى الجمهور الأكثر فقرا والأكثر هشاشة هي المقاربة القائمة على الاقتصاد البديل، الذي هو من الناس وإليهم، ويُعتبَرون فاعلين أساسيين فيه. واحتلّ مطلب العدالة الاجتماعية حيّزا كبيرا ضمن لائحة المطالب الرئيسية التي رفعتها الجماهير التي خرجت إلى الشارع في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إبّان ما يُعرف ب"الربيع العربي". وفي هذا الإطار، قال عبد المولى إسماعيل إنّ المشكل الأساسي لدى الجمهور المنتفض كان هو العدالة الاجتماعية التي تعتبر بالنسبة إليهم غاية غائبة في المنطقة. جوزيف ضاهر، الخبير الاقتصادي والناشط السياسي اللبناني، أكّد في عرضه على مركزية الديمقراطية في تحقيق العدالة والاجتماعية، مُبرزا أنّ أساس الاقتصاد البديل هو التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي للطبقات الضعيفة، وإشراك جميع السكان في اتخاذ القرار، بما في ذلك القرارات التي تهمّ المجال الاقتصادي. وأردف ضاهر أن "الحقوق السياسية لا يجب أن تقتصر فقط على تخويل المواطنين حق التصويت في الانتخابات؛ بل يجب أن يُضمن للطبقات العاملة حق الانتاج، وحق التنظيم، وحق الإضراب، وحق إنشاء نقابات عمالية، والتنظيم الجماعي، سواء في القطاع العام أو الخاص". واعتبر الخبير الاقتصادي اللبناني أنّ السوق ليست مساحة منفصلة عن الديمقراطية، ما دام أنها جزء من المجال السياسي ومضمار للصراع الطبقي، "ولذلك فإنّ السوق يجب أن تكون محكومة بمبادئ الديمقراطية"، يقول المتحدث، مُبرزا أن إرساء الديمقراطية لا يسهم فقط في تحقيق العدالة الاجتماعية؛ بل يحمي الدول من الخضوع لهيمنة الدول الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية. وفي هذا السياق، انتقد جوزيف ضاهر المؤسسات المالية الدولية، قائلا إنّ ادعاءاتها بكونها ترغب في إصلاح الأوضاع الداخلية لبلدان العالم الثالث "خطابات مضلّلة"، موضحا "هذه المؤسسات تعزز الرأسمالية المتوحشة، وتدعم الاستبداد والفوارق الاجتماعية في الدول المتخلفة".