قال إيف أوبين دولامسوزير، الدبلوماسي الفرنسي والخبير في شؤون الدول العربية، إن "التغييرات التي عرفها العالم العربي بعد الثورات التي عمت دول هذا المجال الجيوسياسي سنة 2011 لم تكن متشابهة، بل تنوعت بتنوع بنية وخصوصية كل دولة على حدة". وأورد أوبين، في محاضرة نظمت من طرف جامعة القاضي العياض بشراكة مع المعهد الفرنسي في مراكش، حول "تقييم الربيع العربي ورصد مختلف تداعياته"، أن هذه التحولات "اختلفت من دولة إلى أخرى، باختلاف عدة متغيرات وأسباب، كالعامل الديمغرافي والديني، والثقافي والسياسي"، حسب مقاربته. وزاد أوبين مبرهنا على طرحه أن ما عاشته سوريا لا يشبه مع عرفته تونس والمغرب، وأن "الدول التي كان فيها المجتمع المدني قويا، ولها تجربة على مستوى الترافع والتنظيم، ومكانة المرأة داخلها أحسن، كحالة الثورة التونسية التي شاركت فيها النساء بقوة، عرفت تغييرا سلسا إلى حد ما". وأكد الخبير الفرنسي أن التظاهرات التي عرفها العالم العربي جاءت في سياق وطني، وبعيدة كل البعد عن الانتماء العربي أو الإسلامي، "لأن الهويات انغلقت داخل مجالها الجغرافي، مع نموذج الدولة الوطنية التي ظهرت بعد الاستقلال"، وفق تعبيره. وأوضح إيف أوبين دولامسوزير أن هذه التغييرات قلبت عدة معادلات في السياسة الدولية، والنظريات الجيوسياسية، مقدما مثالا على ذلك بالولايات المتحدةالأمريكية، التي أصبحت تصدر نفطها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مرجعا ما تخوضه في الشرق الأوسط إلى دافع إستراتيجي، "أكثر منه رغبة في الحفاظ على منابع البترول"، على حد قوله. جدير بالذكر أن هذه المحاضرة تأتي في إطار دورة 2017 لسلسلة محاضرات "منابر مراكش" التي انطلقت منذ سنة 2014، وسيرها محمد طوزي، الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية، ومدير مدرسة الحكامة والاقتصاد بالرباط. جامعة القاضي عياض تسعى من خلال هذه اللقاءات إلى "دمقرطة المعرفة، ونشر الأفكار والخبرات، بمشاركة شخصيات وازنة ومرموقة في مختلف المجالات، سواء السياسية أو العلمية أو الثقافية"، وفق بلاغ صادر عنها توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية.