لم يخف الخبراء المغاربة انبهارهم بالتجربة الرواندية في مجال إصلاح التعليم والاعتماد عليه كركيزة لتطوير البلد والرقي به إلى مصاف الدول الرقمية الصاعدة في بحر أقل من 20 سنة. وهي التجربة التي ساهمت في تطوير البلد بشكل كبير، وتحويله إلى منصة حقيقية لمقاولات ذكية ناشئة تستقطب كبريات الشركات العالمية في مختلف المجالات. وتابع المشاركون المغاربة والأجانب في منتدى الحوارات الأطلسية حول التحديات التي تجابه القارة الإفريقية، الذي تحتضنه مدينة مراكش، تفاصيل تجربة هذه الدولة الصاعدة التي استعرضها سيلاس لواكابامبا، وزير التعليم السابق، والتي اعتمدت على التكنولوجيات الحديثة وإلغاء العمل باللغة الفرنسية وتعويضها بالإنجليزية. وعاد سيلاس لواكابامبا بذاكرته إلى الوراء وهو يفرد تجربة بلده، الذي مر بفترة صعبة نتيجة الحرب والإبادة الجماعية، أمام المشاركين في مؤتمر مركز "OCP" للدراسات في مجال إصلاح التعليم. وزير التعليم الرواندي السابق أكد أن بلده كان يركز بشكل رئيسي على العلوم الإنسانية في جامعاته، إلى جانب الاعتماد على اللغة الفرنسية في التلقين، وهو ما تم تجاوزه في الوقت الراهن عبر إصلاحات جذرية اعتبر المسؤولون الروانديون أنه لا محيد عنها، خاصة عندما تأكدوا أنه لا يمكن الرفع من الأداء الاقتصادي لبلدهم وتطوير أداء الشركات والمقاولات وتسييرها على النحو الأمثل بمتخرجين قادمين من كليات للعلوم الإنسانية. وتابع المسؤول السابق عن قطاع التعليم في رواندا قائلا: "قرر المسؤولون في بلدي رواندا تطبيق إصلاحات شاملة وجذرية للنظام التعليمي للبلد، وتوظيف خبرات أجنبية في هذا الإطار، واعتمدنا في البداية على ازدواجية اللغة الفرنسية والإنجليزية، ليتم فيما بعد إلغاء الفرنسية ابتداء من المستوى الرابع ابتدائي، وهو ما سمح لنا بتحقيق نتائج باهرة، والشروع في تقليص الهوة الرقمية في رواندا". وهيمن موضوع التعليم ومساهمته في تطوير الدول على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والرقمية على مداخلة آسية بن صالح العلوي، السفيرة المتجولة للملك محمد السادس، التي اعتبرت أن التعليم يلعب دورا أساسيا في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، والفوارق على أساس النوع. وقالت العلوي إن "العالم سيشهد ظهور مجموعة كبيرة من المهن الجديدة والعديد من المهن المبتكرة، مقابل اختفاء مجموعة أخرى من مهن اليوم"، وأرجعت ذلك إلى "التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم". ولم تخف السفيرة المتجولة للملك محمد السادس تخوفها من ظهور لاجئين رقميين في المستقبل، في حالة عدم إسراع الدول بمعالجة الفجوة الرقمية التي تتوسع يوميا على كافة المستويات الاقتصادية والشرائح الاجتماعية، مشددة في هذا الإطار على "أهمية وضرورة إصلاح التعليم باعتباره السبيل الوحيد لضمان انتقال سلس وآمن إلى المستقبل"، إلى جانب "سن مجموعة من الإصلاحات الأخرى التي لا تتحمل الأخطاء أو الفشل"؛ وذلك عبر "إبرام شراكات داخلية وإقليمية ودولية، بما فيها مصادر التمويل، حتى لا تتوقف الاصلاحات في منتصف الطريق". ودعت آسية العلوي إلى ضرورة "العمل على تدريب الشباب على الإبداع والابتكار، والتفاعل مع مختلف الثقافات"، معتبرة أنه "لا بد من معرفة أن هناك لغة جديدة اليوم يفرضها التقدم التكنولوجي، وعلينا تعلم هذه اللغة وإجادتها"، في إشارة إلى اللغة الإنجليزية.