موضوع الإعدام هو من المواضيع القديمة الجديدة، حيث عرفت البشرية الإعدام منذ قديم الزمان وأقرته الأديان وتبنته العديد من التشريعات المعاصرة. ويعتبر الإعدام من أخطر العقوبات التي قد تطبق على الإنسان كونها تنهي حياته و تقضي على أهم حق من حقوقه ألا وهو الحق في الحياة. غير أنه في الوقت الحاضر و مع بروز عدد كبير من اتفاقيات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية اتجهت الدول إلى ثلاث توجهات في ما يتعلق بعقوبة الإعدام: - دول ألغت كليا عقوبة الإعدام من قوانينها ( 98 دولة ). - دول أبقت على عقوبة الإعدام مع تنفيذها ( 57 دولة من ضمنها : الولاياتالمتحدةالأمريكية) ودول أبقت على هذه العقوبة لكن دون تنفيذها ( 36 دولة من بينها المغرب). فمنذ سنة 1993 والمغرب لا ينفذ عقوبة الإعدام وذلك تماشيا مع التوجه الحقوقي الدولي الذي يسير في اتجاه الدعوة إلى إلغاء هذه العقوبة الخطيرة، حيث دعت لجنة حقوق الإنسان في عدة قرارات لها الدول إلى الحد تدريجيا من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام مع الدعوة أيضا إلى وضع معايير دقيقة لتطبيق هذه العقوبة، و سنذكر أهم هذه المعايير والتي جاءت في المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: أولا: لا يجوز تطبيق الإعدام إلا في أخطر الجرائم ؛ ثانيا : لا يجوز تطبيق الإعدام إلا إذا نص القانون على ذلك وقت ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بالإعدام ؛ ثالثا : لا يجوز الحكم بالإعدام على من لم يبلغ من السن 18 سنة والنساء الحوامل والأمهات الحديثات الولادة والأشخاص الذين فقدوا قواهم العقلية ؛ رابعا : في حالة تطبيق الإعدام فيجب أن يسبب الحد الأدنى من المعاناة عند تنفيذه؛ وبالعودة إلى التشريع المغربي فإننا سنلاحظ أن القانون الجنائي قد نص على الإعدام كعقوبة للعديد من الجرائم في أكثر من 36 مادة جنائية، لكن -وكما سبقت الإشارة – فإن المغرب لم ينفذ هذه العقوبة منذ سنة 1993 وعدم التنفيذ هذا كان له نتائج مهمة على مستوى الواقع نذكر منها انخفاض عدد المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام من أكثر من 197 شخصا سنة 1993 إلى 120 شخص فقط (حسب ورقة حول عقوبة الإعدام أعدتها وزارة العدل المغربية والتي تجدونها على الموقع الرسمي للوزارة). ومن بين المعايير التي تنظم الحكم بالإعدام في المغرب نجد: أنه لا يحكم بالإعدام على القاصرين الذين يقل سنهم عن 18 سنة ، ولا ينفذ الحكم بالإعدام إلا بأمر من وزير العدل، ولا يجوز تنفيذه إلا بعد رفض طلب العفو إذا تقدم به المحكوم عليه، و لا يمكن الحكم بالإعدام على الحامل إلا بعد سنتين من وضع حملها. من خلال هذه المعايير يتبين أن التشريع المغربي متوافق نوعا ما مع المعايير الدولية التي سبق لنا أن أشرنا إليها. و من المهم جدا الإشارة إلى أن مشروع القانون الجنائي الجديد سيعمل على تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والاقتصار فقط على الجرائم الرهيبة والبشعة والخطيرة جدا، وذلك رغبة منه في الانسجام أكثر مع التوجهات الدولية في هذا المجال، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإنه من المنتظر من مشروع المسطرة الجنائية أن يتضمن العديد من المقتضيات المتعلقة بعقوبة الإعدام، والتي تهدف إلى تقليص النطق بعقوبة الإعدام وتفادي أي خطأ قضائي قد يقع في هذا الصدد، ونذكر على سبيل المثال: اشتراط إجماع الهيئة القضائية حول النطق بهذا الحكم قبل النطق به . *باحث في مجال العلوم القانونية