يبدو أن التفكك يحيط بمفاصل جبهة البوليساريو الانفصالية؛ فبعد الاحتجاجات التي شهدتها مخيمات تندوف، على التراب الجزائري، ضد تنكيل قيادة الجبهة الانفصالية بمعارضيها، تعيش ميليشيات البوليساريو على وقع تشرذم كبير بعد تسجيل وفيات غامضة بين صفوفها. الذعر الذي دبَّ في صفوف عناصر ميليشيات الجبهة الانفصالية أكدته تسجيلات صوتية لعائلات حملة السلاح، إذ أكدت شهادة أخت أحدهم، وكان ضمن "الوحدة العسكرية الخامسة"، أنه عاد إلى بيت والديه وهو في حالة صحية جد حرجة، بعد أن تورّم جسده بالكامل. عائلات الميليشيات، التي أرغمتْ على الزج بأبنائها في أتون التسليح تحت التهديد، صبت جام غضبها على قيادة البوليساريو بعد أن أصبح الموت يتهدد أبناءها داخل الوحدات التي أرغموا على الانضمام إليها، مطالبة الأمين العام للجبهة، إبراهيم غالي، بكشف سبب الوفيات الغامضة. ويسود قلقل كبير وسط مخيمات تندوف من أن يحدث اقتتال أو انتفاضة بعد أن هددت بعض العائلات الصحراوية باللجوء إلى تهريب أبنائها من ميليشيات للبوليساريو، ولو باللجوء إلى القوة بغية تنفيذ ذلك. وتكشف الوفيات الأخيرة في صفوف مسلحي البوليساريو عن الاستغلال الذي يمارسه قادة التنظيم الانفصالي لأبناء الصحراء، المدفوعين تحت الضغط إلى حمل السلاح، إذ لا توفر لهم أدنى شروط الرعاية بعد تدهور حالتهم الصحية لأسباب غامضة. وفي تسجيل صوتي قالت أخت جندي، يدعى عمار ولد عناي، إن شقيقها الذي توفي قبل أيام أصيب بوعكة صحية بسيطة، قبل أن تتدهور حالته الصحية في ظل الإهمال الذي طاله. وفاة الجندي عمار ولد عناي سبقتها وفيات أخرى غامضة خلفت الذعر في صفوف ميليشيات البوليساريو، وكانت آخرها وفاة المحفوظ بيد الله، وهو من مواليد سنة 1980، واضطرت عائلته إلى نقله إلى الخارج من أجل العلاج، بسبب الإهمال الذي لقيَه من طرف قادة الجبهة الانفصالية. ويسود تخوف وسط العائلات الصحراوية من أن تكون الوفيات في صفوف أبنائها، والتي تستهدف الشباب خاصة، متعمدة بهدف القضاء على من لهم ميولات معارضة لقادة الجبهة الانفصالية، أو ينقلون معلومات لا ترغب البوليساريو في أن تخرج نحو العلن.