وجهت منظمة هيومن رايس ووتش بتاريخ 10 فبراير 2019 رسالة إلى البرلمانيين الأوروبيين لمحاولة التأثير عليهم قبل يوم التصويت على الاتفاقية التي حازت موافقة ساحقة من طرف البرلمان الأوروبي أثناء عرضها عليه يوم الثلاثاء 11 فبراير 2019 في إطار استكمال إجراءات دخولها حيز التطبيق والنفاذ. منظمة هيومن رايس ووتش اختارت التوقيت بعناية عندما أرسلت رسالتها قبل انعقاد جلسة البرلمان بيوم واحد في محاولة يائسة للتأثير على البرلمانيين الأوروبيين ودفعهم إلى اتخاذ موقف سلبي من الاتفاقية، وهي المحاولة التي اصطدمت بوعي أوروبي كبير تشكل منذ انطلاق عملية المفاوضات والنقاشات التي تمت لحظة انتهاء الاتفاقية في صيغتها القديمة. الذي سيطلع على مضمون الرسالة التي وقعتها المكلفة بالقسم الأوروبي للمنظمة سيتأكد أنها تحولت إلى طرف سياسي في النزاع، منحاز لوجهة نظر الجزائر/البوليساريو، كما أنها لا تنطلق من منطلق حقوقي صرف، فهي طالبت بإحداث آلية على شاكلة الآلية التي تم إنشاؤها في العراق "النفط مقابل الغذاء" أثناء فرض العقوبات الاقتصادية على بغداد في فترة حكم صدام حسين، وهو موقف يجب أن تتم مساءلة هذه المنظمة عليه، إذ كيف لمنظمة حقوقية أن تقدم المقترح وهي تعلم أن مثل هذه الآلية سبق أن تسببت في تجويع الشعب العراقي، لأنه كان المتضرر من هكذا عقوبات اقتصادية، كما أنها كانت المدخل للتدخل العسكري الأجنبي في العراق، وما آل إليه الوضع هناك من سيطرة وصراع تنظيمات إرهابية وطائفية؟ فهل هذا هو النموذج الذي تريده المنظمة للمغرب والصحراء، نموذج الفوضى والحرب الأهلية ودخول تنظيمات إرهابية ك"داعش" للمنطقة؟ هل تحولت المنظمة إلى غطاء ليس فقط للتدخل الأجنبي بل للإرهاب؟. الرسالة نفسها طالبت بالأخذ بعين الاعتبار رأي وموافقة "السكان الأصليين"، وهو موقف لا يمكن إلا أن نستغرب له، خاصة عند ربط الاتفاقية بموافقة السكان الأصليين فقط، ما يعكس خلفية عنصرية تميز بين الساكنة المحلية، في تناقض تام مع مبادئ حقوق الإنسان، خاصة منها مساواة الجميع أمام القانون والاتفاقيات. هذا الموقف التمييزي لا نجد له صدى في بعض النزاعات التي قد تكون مشابهة، فهي لم تطالب باحترام رأي الساكنة الأصلية للكطلان مثلا، بل عندما تتحدث في الأزمة الأخيرة بين مدريد وبرشلونة تتحدث عن ساكنة الإقليم، ولم تميز بينهم أي أساس، وهو ليس المنطق نفسه الذي تنظر به إلى الساكنة الصحراوية المحلية، كما أنها كمنظمة حقوقية، إن كانت كذلك، كان عليها احترام إرادة الساكنة المحلية التي اختارت ممثليها لتدبير الشأن المحلي، بمعنى أن هيومن رايس ووتش لا تعترف بالانتخابات والمؤسسات المنتخبة عندما يتعلق الأمر بنزاع تكون طرفا فيه.. - الرسالة وصفت الأقاليم الصحراوية ب"الأراضي المحتلة"، وهو وصف لا سند له حقوقيا أو أمميا، ولا مرجعية له على صعيد قرارات مجلس الأمن التي تدعي هذه المنظمة أنها تطالب باحترامها، لأنها كانت الأولى باحترامها وعدم إطلاق وصف سياسي على إقليم، وإن أرادت ألا تعترف بشرعية سيادة المغرب عليها أن تصفه بنفس الأدبيات الأممية؛ لكنها اختارت تمرير مصطلح سياسي في محاولة لتغليط البرلمانيين الأوروبيين. هيومن رايس ووتش في كل مرة تؤكد أنها غير محايدة في تعطيها مع ملف الصحراء، وأن نظرتها تحكمها خلفية سياسية معادية للمغرب ومنحازة للوبي الجزائري.