كسلفه الراحل المحجوب بن الصديق، عمل الميلودي مخاريق على الحصول على ولاية ثالثة على رأس الاتحاد المغربي للشغل، أكبر نقابة عمالية في المغرب، على الرغم من أن قوانين النقابة تتحدث عن ولايتين فقط. لم يكتف مخاريق، الذي وضع حُراساً غلاظاً شداداً على بوابة مقر النقابة في الدارالبيضاء، بحشد الدعم لولايته الثالثة، بل طرد عدداً من معارضيه، وأصدر قرارات بمنع آخرين من المشاركة في المؤتمر، منهم المناضل الحقوقي والنقابي المعروف عبد الحميد أمين. أمام هذا المشهد السوريالي، لنا أن نتساءل: ألم تنجب "UMT" غير الراحل المحجوب ومخاريق؟ ولمَ يُصر مخاريق على ترؤس نقابة تمثل العمال وليس المتقاعدين ما دام أنه تجاوز سن التقاعد وهو مشرف على عقده السبعين؟ وهل يستقيم الحديث عن نقابة عُمالية يفترض فيها النضال أن تُقدس شخصاً وتجعله زعيما لها لمدة طويلة؟ لكن ذلك ليس بجديد، فالزعيم الراحل المحجوب بن الصديق تشبث بقيادة النقابة منذ تأسيسها سنة 1956 إلى أن وافته المنية سنة 2010، ومخاريق يسير على نهج من "رباه" نقابياً. وضعُ النقابة اليوم يُسائل مناضليها، فشعارات مثل "مخاريق ارتاح ارتاح" و"مخاريق زعيمنا" لا تليق بهيئة نقابية يفترض فيها أن تكون مناضلة وتتصدى لكل أشكال الريع وتطبق الديمقراطية في مؤتمراتها وتُعطي المثل للهيئات التأطيرية الأخرى بتشجيع تداول النخب والدفع بالشباب إلى المسؤوليات. لم تكن الولايتان السابقتان لمخاريق ذهبيتين، بل عرفتا تراجعاً للتأطير النقابي وهواناً في التفاوض الاجتماعي مع الحكومة، فلم تعد الإضرابات والمسيرات التي تقودها النقابة تخيف الدولة، ولم تعد الاستنكارات والمطالب تلقى صدىً، وذهبت مطالب الطبقة العاملة أدراج الرياح. مسار مخاريق، الذي رأى النور بمدينة الدارالبيضاء سنة 1950، انطلق من التكوين المهني حيث خطرت له فكرة تأسيس نقابة قطاعية، بفضلها وجد مأمناً داخل "UMT"، وشيئاً فشيئاً اقترب من دائرة بن الصديق إلى أصبح يده اليمنى وحل محله بعد رحيله. مخاريق وعلى نهج "الدكتاتوريين"، وقبل أن يقترب موعد المؤتمر، طرد ثلة من معارضيه، منهم من شكك في شرعيته واتهمه بالتدبير الاستبدادي، وعدد منهم كانوا أعضاء في الأمانة العامة وكشفوا اختلالات مالية كبيرة في النقابة. كل هذا، وأمام الرغبة الجامحة ل"الزعيم" مخاريق وتفضيله الصمود على كرسي قيادة النقابة عوض الصمود من أجل تحقيق مطالب الشغيلة التي اكتوت بالإجراءات الحكومية وضُعف القدرة الشرائية، يستحق منا أن نهوي به إلى الدرك الأسفل من بورصة هسبريس.