في قالب درامي يحمل مشاهد سوداوية، نقل محسن البصري، المخرج والسيناريست المغربي، جانبا مظلما من وضعية المستشفيات العمومية، والمتاجرة بأرواح بشرية تئن من شدة الألم، من خلال فيلمه السينمائي "طفح الكيل" الذي أحرز جائزة الحسيني أبو ضيف لأفضل فيلم حريات في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية. ويعتبر المخرج المغربي أن "الواقع المؤلم، الذي نقله عن أحد المستشفيات العمومية بمدينة الدارالبيضاء، يتطابق في جوهره، من خلال مشاهد سيادة الرشوة والإهمال وحالات الاكتظاظ والهشاشة، مع عدد من البلدان العربية والإفريقية التي ما زالت فيها الصحة العمومية تحتل مراتب متدنية". وتدور أحداث الفيلم بين يوم وليلة أسودين صوّرها المخرج بعين شاب حاول الانتحار برمي نفسه من قنطرة طريق، بسبب "سوداوية" الحياة الاجتماعية؛ غير أن سقوطه فوق شاحنة أغنام حال دون موته، لينقل إلى المستشفى لتلقي العلاجات. الأمل الوحيد في الحصول على مبلغ إجراء العملية الجراحية أظهره عم أيوب (الذي جسده سعيد باي)، الذي أظهر استعداده لإنقاذ الطفل الذي فقد القدرة على تحريك رجليه، وتدبير مبلغ العملية باستغلال حالة حمل صديقته منه بطريقة غير شرعية لبيع جنينها إلى عائلة سويسرية، إلا أن تعرضها للإجهاض نسف كل شيء. وسط المشاهد المظلمة للمستشفى العمومي، الذي تدور به أحداث "طفح الكيل"، أنار المخرج محسن البصري شمعة مضيئة لطبيب مغربي كان يعمل بكندا، وقرر العودة إلى موطنه والعمل في المستشفى الذي فقدت والدته حياتها فيه بسبب الإهمال، مبديا إصرارا على البقاء في وطنه، على الرغم من سخطه على الوضع. وعن مشاركته في مهرجان الأقصر، أورد البصري أن "المهرجانات الإفريقية بوابة لإشعاع السينما في القارة وفضاء لالتقاء السينمائيين"، مبرزا أن بلوغ السينما العربية والإفريقية للعالمية يؤكد أن لها رصيدا تاريخيا مهما. وعلى الرغم من حضور السينما المغربية في معظم المهرجانات العالمية وانتزاعها عدد من الجوائز فإن وصولها إلى مراتب متقدمة مرتبط بوفرة الإنتاج، حسب البصري.