قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إنه "لا يمكن الحديث عن النموذج التنموي الجديد بدون تشخيص النموذج الحالي الذي لم يفشل؛ لكنه وصل إلى مداه"، مشيرا إلى أن "نسبة النمو التي كانت مُسجلة ما بين 2000 و2010، التي بلغت 5 في المائة، تراجعت إلى 4.4 في المائة بين 2010 و2012، في حين تصل حاليا إلى أقل من 3.4 في المائة؛ وهي النسبة التي كانت تُسجل في التسعينيات". بركة، الذي كان يتحدث خلال اللقاء المفتوح الذي جمعه بأعضاء الحزب في الدارالبيضاء، أضاف أن "مردودية استثمارات الدولة تراجعت بنسبة خمسين في المائة، الأمر الذي كان له وقعه على التشغيل وتحسين الدخل الفردي اللذين تراجعا كثيرا بدورهما"، معتبرا أن "أمد الحياة عرف تطورا مهما، بحيث كان في 68 سنة في 1999، ليصل حاليا إلى 76 سنة". وأوضح الأمين العام لحزب "الميزان"، في اللقاء المعنون ب"قطاع الصحة مدخل أساسي لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية"، عشية الخميس، أن "المغرب كان يربح ستة أشهر سنويا في أمد الحياة ما بين 2000 إلى حدود 2012، لكنه يزداد حاليا بثلاثة أشهر فقط"، مؤكدا أن "الفوارق الاجتماعية تراجعت بفضل حكومة عباس الفاسي، خلال الفترة ما بين 2007 و2011". ويرى الفاعل السياسي أن "السياسات المطبقة حاليا زادت الفوارق اتساعا، لا سيما ما يتعلق بالولوج للخدمات العمومية؛ من قبيل السكن والتعليم والصحة بين العالم القروي والحضري، وكذلك استفحال الفوارق بين الجهات، بل داخلها أيضا"، مبرزا أن "الاستثمار في القطاع الصحي ينحصر بكل من جهات البيضاء والرباط ومراكش وفاس فقط، بما يناهز 70 في المائة من التواجد الصحي على الصعيد الوطني". وأورد بركة، الذي تطرق أساسا إلى رهان الصحة من خلال النموذج التنموي الجديد لحزب الاستقلال، أن "النموذج الجديد لا يمكن اختزاله في السياسات القطاعية فقط، بل عليه أن يوضح الاختيارات الكبرى للبلد؛ أي المشروع المجتمعي المتوازن الذي ينبغي أن تتوفر فيه مجموعة من القطائع". القطيعة الأولى، حسب الأمين العام لحزب "الميزان"، تكمن في "القطيعة مع الامتيازات واقتصاد الريع والزبونية التي تميز المجتمع الحالي، لأنه يجب الانتقال صوب مجتمع الحقوق؛ أي الوصول إلى الإنتاج والامتيازات ذاتها، وهي مسائل مطروحة بشدة في قطاع الصحة". القطيعة الثانية تتجلى في الحكامة، من خلال "السياسات القطاعية غير المتناسقة فيما بينها، نتيجة انعدام رؤية موحدة في مجال الصحة، بحيث يتم التركيز على سياسة التجهيز فقط عوض السياسة الصحية؛ عبر إيلاء الأهمية لعدد المستشفيات والأسرة والتجهيزات وغيرها، ثم غياب سياسة صحية من شأنها توفير الولوج للخدمة العمومية". وأردف المتحدث أن "التنسيق غائب بين منظومة الحماية الاجتماعية والسياسة الصحية، إذ تصدر قوانين بدون إصدار مراسيمها إلى حدود الساعة، وكذلك الأسعار المرجعية في التغطية الصحية ضئيلة مقارنة مع تكلفة تقديم العلاجات، فضلا عن وجود سياسة مبينة على الوسائل عوض النتائج". أما القطيعة الثالثة، فإنها تتمظهر في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، مشددا على أن "المغرب حقق تراجعا في نسبة الفقر، لكن نسجل التوريث الجيني للفقر؛ لأن غالبية المواطنين لا يلجون إلى الخدمات العمومية ذات الجودة، بل حتى الطبقة المتوسطة تعرف اندحارا، على أساس أن وسائل الترقية الاجتماعية قليلة إلى منعدمة".