عبرت بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، عن موقف جد متقدم بشأن مسألة إثبات نسب المولود الناجم عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة في فترة الخطوبة إلى الخطيب، داعية إلى فتح النقاش حول هذا الموضوع من طرف جميع الأطراف المعنية، من المؤسسة التشريعية والمجلس العلمي الأعلى وعلماء النفس والأطباء الشرعيين. واعتبرت الحقاوي، في يوم دراسي نظمته المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالمناصفة والمساواة بشراكة مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية بمجلس النواب، الأربعاء، أن إثبات نسب المولود إلى الخطيب عبر إجراء فحص الحمض النووي (ADN) موضوع ذو راهنية، لإنصاف المرأة، في ظل إنكار الخطيب لحمل الخطيبة. ورغم أن العلاقة بين الخاطب والمخطوبة لا ترقى إلى علاقة زواج، حسب ما تنص عليه مدونة الأسرة، فإن الحقاوي ترى أن الخاطب "لا يمكن أن يكون متحللا من أي مسؤولية، وبالتالي فإن فحص الحمض النووي يصير ضروريا قصد إثبات المسؤولية، لأن المرأة هي التي تتحمل العبْء لوحدها، بينما يُعفى الرجل من أي مسؤولية ويمكن أن يكرر الأمر مرة أخرى". وعضدت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية موقفها بالمعطيات الرقمية لدراسة سبق للوزارة أن أنجزتها سنة 2016 حول تقييم المغاربة لمدونة الأسرة، حيث أيّد 92 في المائة من المبحوثين إجراء فحص الحمض النووي لإثبات نسب المولود إلى الخاطب أثناء فترة الخطوبة، بينما عبر 8 في المائة عن رفضهم هذا الأمر. وعلقت الحقاوي على هذا الرقم بالقول: "الرافضون ربما قد يكونون من المجرمين الذين يرتكبون الجرم". وذهبت الوزيرة إلى اقتراح أن تتحمّل الدولة مصاريف إجراء فحص الحمض النووي للحالات المتعلقة بإثبات نسب المولود إلى الخاطب، لكون عدد من النساء لا يملكن الإمكانيات المالية لإخضاع موالديهن لهذا الفحص، مبرزة أن الغاية من هذا الأمر هي "رفع الظلم عن المرأة وتمكينها من حقوقها". وطغت على اليوم الدراسي سالف الذكر مطالب بتعديل مدونة الأسرة وملاءمتها مع دستور 2011 والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، إذ قالت رئيسة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالمناصفة والمساواة إن التجربة أظهرت وجود حاجة إلى إدخال تعديلات بناء على عمل محكمة النقض والمحاكم الابتدائية ومحكمة الاستئناف، التي وقفت على عدد من النقائص في مقتضياتها. من جهته قال محمد أوجار، وزير العدل، إن القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية ذات حساسية بالغة في جميع دول العالم، وتعرف نقاشات حادة، داعيا إلى "مساءلة نص مدونة الأسرة بهدوء وبعقلانية، وتهييء المناخ الملائم لهذا النقاش حتى لا نسقط قي تجاوزات". واستطرد وزير العدل في كلمة مقتضبة: "نحن في عالم بالغ التعقيد، فيه أفكار وتصورات ونظريات متضاربة، ونحن جزء منه، لذلك لا بد من مناقشة نص مدونة الأسرة بعقلانية، بناء على توجهات دستورنا، وبناء على دور إمارة المؤمنين، وإشراك جميع الحساسيات في النقاش للوصول إلى تعديلات متوافق حولها".