قال الفيلسوف المغربي عزيز بومسهولي إن الحرية "صفة اختيارية، وهي فعل داخل العقل وخارج المساحة الزمنية"، مشيرا، خلال حديثه عن الأخلاق السياسية، إلى تمتع الغريزة الفردية بكل ما هو دال على المفارقة والتحيز إلى مصلحة بالكفاية، موجها دواعي التأثير المباشر في اتخاذ القرار إلى الأنانية الشخصية وتفويض اليقين. جاء ذلك خلال حلقة فلسفية بمدينة أيت أورير نظمها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بشراكة وتنسيق مع مركز عناية. وحول الفيلسوف بومسهولي أنظار الحضور إلى تعدد مفهومية وحدة الأخلاق وصناعتها بالتالي، كاشفا حجم الغياب القسري للسلوك الطهراني على الحياة والمعيشي، بالعدمية وضعف الاقتدارية وموت القيمة. من جهته، أدار المفكر الباحث حسن أوزال عجلة العقل إلى موثق بناء الرؤية، "وإلى الشكل الذي تحدده ثنائية السياسة والعقل، ضمن أولوية جوهرية هي الابستمولوجية المعرفية في تقاطعاتها مع الانطولوجي". وغمر المفكر أوزال كل الأطروحات الحائزة على صفة السبق الفلسفي إلى تشتت التفكير في وسمها بما يحدد مقارباتها الجديدة، التي سبق وعمق دروبها المثالية عباقرة كسبينوزا وهيجل وكانط ولايبنتز، داعيا إلى إعمال العقل على أساس التفكير في المآل وليس النتائج الفوقية، موضحا أن التفكير بالفلسفة "هو ضرورة وجودية أكثر منها برامج متداعية، وليس أخف على الانتماء للإيديولوجيا مهما كانت سياسية أو دينية أو عبثية". وتساءل المفكر والإعلامي عبد الصمد الكباص خلال مداخلته عن العلاقة الموضوعاتية بين واقع تردي الأخلاقي السياسي وقيم العيش المشترك، وعن حتمية التقويض الارتكاسي والتيئيسي الذي تعيشه الشعوب الآن تحت وازع اللاّ أدرية واللاّ جدوى. وقال الكباص: "إننا نخاف أن يكون الزمن المعرفي قد ضاع فعلا من بين المرايا المقعرة"، واصفا حالة الانتظار الراهن بالعبث وصور الغباء الذي أصبح أحد أهم مظاهر الرفض والاحتماء خلف التجاذبات الفارغة، ملقيا باللائمة على نفاد قوة الإرادة، بما هي حكمة وتفكير حر، معتبرا حجب وتغييب النخب الثقافية نوعا من الانتحار وضربا من جنون الفشل. الباحث والشاعر مصطفى غلمان، من جانبه، استقرأ من خلال كلمته حول مشكلات العقل والسياسة نظرية "أعداء الديمقراطية الحميمون" التي استنبتها الفيلسوف تزيفيتان تودوروف من خلال وضعه لسؤال استراتيجي حول "قدرة الديمقراطية على الصمود، وهل ستصبح عزيمة سحرية ممجدة بشكل خالص؟!". وقال غلمان في سياق حديثه عن الفعل السياسي وارتكاساته اللاّ أخلاقية: "السياسيون هم الأبناء العاقون الذين خربوا قيم العقل وتبوؤوا درجات من التيئيس ونزعوا إلى المعرفة النقيضة"، وهم فئة، حسب المتحدث، "تشكل مظهرا استثنائيا في براديجم التغيير النمطي أو ما يشكل عالما خرافيا في نسق التعنيف السياسي أو التحلل من مبدئية الصواب". وأضاف الباحث مصطفى غلمان أن الحرية هي ارتقاء بالتفكير وإعمال للعقل، "وفي حالتنا متخلفة عن ركب الانتماء إلى النسق العقلاني، إذ يصير التدليل بالعقل خرقا لحجاب ما يسميه سبينوزا بالانطولوجيا المرحة، البعيدة عن كل نزعة قدرية أو سوداوية".