بين فضيحة " النيل الأزرَق" ومَوْقعَة "الدم الأحمر" الذي أسيل فوق استاد القاهرة الدولي، أسماء كثيرة سقطت وأخرى سطع نجمُها في بطولة كأس إفريقيا للأمم في أرض الكنانة: * رياض محرز: هذا الولد الذي ولد في فرنسا، لكنه اختار اللعب مع بلاده الأصلية الجزائر، كنا لا نعرف عنه شيئا إلى وقت قريب، هو الذي صنع العَجائب مع فريقه لاستر سيتي ثم مانشستر سيتي الإنجليزي، سجل أهدافا رائعة بالكعب، بالرأس، ببطن القدم، بخارجها، كتوم خجول، لا يتكلم إلا حين تكون الكرة تتدحرج بين قدميه فوق أرضية الملاعب، وعلى غفلة من الجميع، أقصد من لا يتابعون أخبار المستديرة، يصبح لاعبا ومراوغا مرعبا لكل المدافعين الأفارقة، هذا المجهود جعله يأخذ بطولتين: - واحدة مع فريقه في إنجلترا. - وأخرى(كأس أمم إفريقيا) مع فريق بلده الجزائري الأصل على أرض الكنانة. مثل هؤلاء، لا يعرفون طريقا إلى ملهى "النيل الازرق" وما تلاه من فضائح حمراء وبكل الألوان، لكن يعرفون الطريق جيدا إلى البطولات والألقاب، ويرفعون راية بلدانهم عاليا. * إسماعيل بناصر: هذا اللاعب(21 سنة) ولد في فرنسا هو الآخر، لكنه فضل اللعب للجزائر، من أب مغربي وأم جزائرية، وبذلك يكون اللاعب الجزائري الذي يحمل معه ثلاث جنسيات، وعد في تدوينة فيسبوكية بأن يهدي المغاربة هذا الكأس للمغاربة في حالة الفوز، ويزور أهله في المغرب، أظهر أنه لاعب صغير السن لكنه كبير في عطائه فوق الملعب. * جمال بلماضي: المدرب الوطني المَعجون بطين الجزائر وهوائها ودماء المليون شهيد، أسقط عقدة المدرب الخَوَاجَه، أثبت أن المدرب المحلي يمكنه أن يفعل العَجائب، إن منحت له نصف الإمكانيات التي تمنح للمدرب الأجنبي. * بوجناح: استطاع هذا اللاعب أن يسجل ثاني أسرع هدف في بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم (الثانية 20 بعد الدقيقة الأولى)، ويدخل التاريخ من بابه الواسع، فيما يعود الهدف الأول للمصري أيمن منصور في الثانية (21) من عمر مقابلة المغرب والغابون سنة 1994. *حفيظ دراجي: المُعلق الرياضي الجزائي الشهير في قناة بي إن سبورتس القطرية، علمنا كيف يكون الإعلامي مُحايدا، حتى وهو ينقل مقابلة مصيرية لفريقه الوطني، كيف يكون رياضيا قبل أن يكون إعلاميا. في النهائي مع فريق السينغال، حين أعلن الحَكم عن ضربة جزاء، لم يحتجّ على الحكم وظلم التحكيم و لا قدم تبريرات، لم يؤجّج عواطف الجماهير، بل طلب من اللاعبين أن لا يفعلوا، واكتفى برفع يديه إلى السماء أن تنصفهم غرفة الفار- VAR، وهو ما كان فعلا، بعد ان تراجع الحكم عن تنفيذ ضربة الجزاء. في بالمقابل سمعنا ورأينا كيف كان سلوك نظيره التونسي عصام الشوّالي، حين احتج على الحكم بشكل لا يليق، وَوَصل به الحال إلى مخالفة رأي خبير التحكيم السوري بقناة "بي إن سبورتس" جمال الشريف، وهو ما استفز الإعلامي الجزائري مُسَيّر الفريق الإعلامي في الأستوديو، وسقطت أوراقه أخلاقيا ومهنيا في نظر الكثيرين. *الشعب الجزائري: خرج عن بكرة أبيه إلى الشارع، مُطالبا المُؤسسة العسكرية، المُتحكمة في كل شيء بالجزائر، بالعدل والمساواة في الحياة العامة، وسافرت جموع غفيرة منه إلى القاهرة، جوار وبرا وبحرا لمساندة ثعالب الصحراء. * لاعبو الفريق الوطني الجزائري: لم يكتفوا بالقتالية فوق المستطيل الأخضر، بل خططوا وفازوا بأغلى كأس قارية في إفريقيا(كاس الأمم الإفريقية)، ورأيناهم كيف خرجوا من الملعب وأقمصتهم ممزقة، ومبللة ليس بالعرق فحسب، بل بالدّم أيضا، في موقعة كروية نادرا ما نشاهد مثلها في النهائيات. أنصفتهم خطط مدربهم وأرجلهم، في انتظار أن تنصف المؤسسة العسكرية جهات أخرى، لاعبين وشعبا، بتغيير المسار من حكم عسكري شمولي، إلى ديمقراطية تنصف جميع مكونات الشعب الجزائري، كي تكتمل الفرحة وتصل إلى أبعد مَدى مُمكن، في عصر لا يعترف فيه التاريخ إلا بالنجاح وروح الجماعة. أخيرا لا يفوتني، كمغربي، إلا ان أهنئ الشعب الجزائري بهذا الإنجاز التاريخي المهم، ألف مليون مبروك لأشقائنا في الجزائر.