حذر أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، من استمرار ظاهرة تزويج الطفلات في المغرب، وقال إنّ لها كلفة ثقيلة على مسار الطفل والأسرة والمجتمع. الشامي أوضح، في تصريحات صحافية على هامش تقديم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيا حول موضوع زواج الطفلات، إن هذا النوع من الزواج "ليس في صالح الأطفال ولا في صالح المجتمع، وثمّة ضرورة لوضح حدّ نهائي له"، وأضاف: "الأطفال لا يمكن أن يتحملوا عبء الزواج ومتطلباته، وجميع تبريرات تزويج الطفلات لا يجب أن تكون ذريعة لإبقاء هذه الظاهرة"، وداعيا إلى استمرار الترافع وفتح نقاش موسّع "لإثبات أنّ منع تزويج الطفلات، قانونيا، هو الحل الأمثل". واختار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لرأيه الأخير عنوان "ما العمل أمام تزويج الطفلات في المغرب؟"، وهو عنوان اعتبر الشامي أنه "صادم شيئا ما"، وزاد مستدركا: "لكنْ نريد أن تكون هناك صدمة علاجية "Un choc thérapeutique" للتنبيه إلى خطورة واقع الحال، وضرورة تصحيح هذا الوضع". وانتقد الشامي تخويل مدوّنة الأسرة للقضاة الإذن بتزويج الأطفال، في إطار سلطتهم التقديرية، قائلا: "مشكل تزويج الطفلات راجع إلى السلطة التقديرية للقضاة. ولا بد من تقنين منع تزويج الأطفال عبر تعديل مدونة الأسرة". ورغم أنّ مدونة الأسرة وضعت مجموعة من الشروط لتزويج القاصرات إلا أنّ حالات هذا النوع من الزواج لازالت مرتفعة، إذ بلغ عدد الطلبات المقدمة إلى المحاكم سنة 2018 فقط 32.104 طلبات، وفي الفترة ما بين 2011 و2018 تم قبول 80 في المائة من طلبات تزويج الأطفال، حسب أرقام وزارة العدل. واعتبر الشامي أنه موازاة مع ضرورة مراجعة مدونة الأسرة، لسدّ أي إمكانية لتزويج الأطفال، هناك حاجة إلى تغيير العقليات، "وأن يفهم الناس أن تزويج الطفلات والأطفال يضر بهم، مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية". موضوع منع تزويج الأطفال كان محط نقاش عمومي خلال السنوات الأخيرة، وانقسم طرفاه إلى داعٍ إلى منعه، بشكل نهائي، وبين داع إلى التدرّج في منعه، بداعي مراعاة الظروف الاجتماعية للأسر، والثقافة السائدة في بعض المناطق، والتي تجعل تزويج الأطفال، خاصة الإناث، أمرا محمودا. في هذا الإطار قال أحمد رضا الشامي إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "ليس دوره الانتصار إلى طرف على حساب آخر، بل تقريب وجهات النظر وإنضاج النقاش واقتراح توصيات عملية قابلة للتطبيق وتحظى بقدر من التوافق الإيجابي، لاسيما في مثل هذه القضايا التي تحتاج إلى انخراط الجميع، من فاعلين مدنيين ومواطنات ومواطنين من أجل تغيير العقليات". من جهته قال جواد شعيب، فاعل جمعوي عضو اللجنة المكلفة بالشؤون الاجتماعية والتضامن بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إنّ هناك ضرورة إلى نسخ المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة، وملاءمة الإطار القانوني مع مقتضيات دستور 2011. شعيب أكد أن هناك "ضرورة لبلورة إستراتيجية لمحاربة جميع أشكال الممارسات المضرة بالأطفال والنساء بصفة عامة، عبر تفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفل التي تواجهها عدد من العراقيل، وتطبيقها على أرض الواقع، على الصعيد الوطني والجهوي، خاصة أن المغرب التزم بالقضاء على تزويج الأطفال".