افتتح ماستر "سوسيولوجيا المجالات القروية والتنمية"، شعبة علم الاجتماع بكلية سايس فاس، موسمه الجامعي، عشية الجمعة، بدَرس ألقاه السوسيولوجي المغربي الخمار العلمي حول موضوع "التربية وتحولات المجتمع والقيم"، بصفته خبيرا وباحثا في المجال التربوي ومُطلعا على خصوصيات المجتمع المغربي. وعرف اللقاء، الذي احتضنته قاعة الندوات التابعة للكلية، حضور عدد من طلبة الفوجين الأول والثاني، وكان إلى جانب الخمار العلمي كل من الدكتور عبد الرحيم العطري، أستاذ السوسيولوجيا بكلية سايس فاس بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، والدكتور عبد القادر لمحمدي، أستاذ الأنثروبولوجيا بالكلية نفسها، كما حضرت حفل الافتتاح فعاليات ثقافية وأساتذة من كليتي سايس وظهر المهراز. وأشار العلمي، في مستهل مداخلته، إلى أن "وظيفة المدرسة ليست اجتماعية بالدرجة الأولى، لكن مهمتها تحولت إلى تربية الذكاء وتنميته لدى المتعلمين، وهنا يحضر الدور الريادي للمدرسة عبر كل مراحلها وصولا إلى الجامعة والأستاذ بالدرجة الأولى"، مؤكدا أنه "لا توجد حقيقة متعالية، لأن الحقائق هي ما ننتجه نحن في السياق الذي نوجد فيه". وأبرز المتحدث ذاته دلالات العلاقة بين الحداثة والتقليد، مشيرا إلى أن "هناك حداثات تقليدية، وأيضا هناك ما هو تقليدي لكنه إيجابي، يجب إبقاؤه والحفاظ عليه"، مشيرا في الوقت ذاته إلى الفرق بين التقليدي والقِيَم، "بحيث إن مقاصد الشريعة الإسلامية فيها قِيَم نبيلة تدعو إلى الحرية وكرامة الإنسان وحفظ النفس والعقل رغم أنها ضاربة في القدم"، محاولا في هذا الإطار وضع مقارنة بين العرب والغرب من حيث كونه، أي الغرب، "يرجع إلى الهُوية والوطنية كلما اشتدت به الأزمات، فيما نحن نفعل العكس؛ إذ نرجع إلى الإثنية والعرقية والقبلية". وقال الخمار: "في العالم العربي أو في ما اصطلح عليه إعلاميا بالرّبيع العربي، كان الصراع إقِليمِيًّا، بمعنى أنه لم يكن صراعا ضد السلطة أو من أجل توزيع عادل للثروات"، وأعطى المثال بتونس حيث "أهين شخص في كرامته، لأن امرأة صفعته، وبالتالي أشعل الشاب البوعزيزي النار في نفسه ضد مسألة الشعور بالإذلال أو (L' humiliation) وبدأ الربيع العربي ينتقل من منطقة إلى أخرى بالأسلوب نفسه والمطالب ذاتها تقريبا". وأضاف المحاضر أن "تحولا كبيرا حصل في كل شيء، لكن لم يحصل ذلك التوازن المطلوب، فوقع اختلال كبير في القِيَم، وهي كلها عوامل كان لها تأثير مباشر وسلبي على أنظمة التعليم، التي كان من المنوط بها أن تعلمنا كيف نواجه زمن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي والرقمي ونستعد له في زمن العولمة، وأن لا ننسى في كل هذا الخضم من هو أهل له وهو الإنسان، أي الأستاذ". واعتبر أن "ما جرى في كل الربيع العربي من الماء إلى الماء لا يغدو أن يكون حَمْلاً وَهْمِيًّا، لأن مشكلة الثورات العربية تُفهم من خلال الأحاسيس والشعور، وليس من الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وإلا كيف كان يخرج الرجال والنساء إلى الشوارع والساحات العامة في مصر وفي باقي البلاد العربية وهم يحملون أبناءهم وبناتهم؟".