الحلّ الأمثل لتطوير القواعد القانونية المغربية، والتمثّلات الجماعية، حول مختلف القضايا المجتمعية، حَسَبَ حركة "ضمير"، هو إحداث "مجلس أعلى للحوار المجتمعيّ"، يدبّر موضوع الحوار الاجتماعي، لتظلّ مجموعة من القضايا المرتبطة بالتّعدّد المجتمعي في المغرب موضوع نقاش شبه دائم، مع إدراجها في إطار أكثر شمولا وإدماجا للشّعب المغربي ككلّ. واقترحت الحركة في مذكّرة قدّمَتها في المكتبة الوطنية بالرباط، الأربعاء، حول "النّموذج التّنموي الجديد" للمملكة، أن تضمّ تمثيلية هذا المجلس جميع القوى الحيّة في البلاد، لإضفاء طابع مؤسّساتي على النّقاش، من أحزابٍ سياسية، ونقابات، وجامعيّين، ومنظّمات غير حكومية، ومجتمع مدنيّ، ل"مطارحة تحليلاتها، والتّعبير عن قناعاتها، واقتراح توصيّاتها بكلّ حرّيّة". دفاع عن المساواة ودعت حركة ضمير في مذكّرتها المعنونة ب"المغرب الذي نريد" إلى أن يشمل التّشريع المغربي نظامَين مختلفين للإرث، يعتمد أحدهما على الشّريعة الإسلامية ويؤسَّس على قاعدة "للذّكَر مثل حظّ الأُنثَيَين"، والآخر على المساواة التّامّة بين الجنسين، ويحظر كلّيّا حرمان أيّ واحد من ذوي الحقوق من الميراث. وأضافت الحركة أنّها تقترح مدّة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، يظَلَّ فيها النّظام المحكوم بالمبادئ الدّينية هو النّظام العامّ المطبّق، ويكون النّظام المدنيّ اختياريا، وتنفَّذ بمقتضاه إرادة الشّخص المتوَفّى المُعبَّر عنها عن طريق وصيَّتِه. ثم بعد انقضاء المرحلة الانتقالية وتَطَوُّر العقليات والسّلوكيات، يصبح النّظام المدني هو النّظام العامّ، ليشكِّلَ النّظام الديني استثناء يُطَبَّق إذا ما أوصى به الهالكون. كما دعت الحركة إلى تمكين الأمّهات العازِبات وأطفالِهِنَّ من حقوقهم، ثم زادت موضّحة: "تعاني النّساء اللواتي لهنّ أطفال خارج مؤسّسة الزّواج من تمييز قانوني بالغ، ويطال الإجحاف نفسه الأطفال المولودين نتيجة علاقات جنسية خارج إطار الزّواج. ويجرّم القانون الجنائي المغربي هذا الصّنف من العلاقات، وعواقب التّجريم أكثر جسامة على النّساء؛ لأن المرأة الحبلى خارج إطار الزواج تجد نفسها مجرَّدَة بشكل مطلق من كلّ حقٍّ قانوني، بل ومحرومة من كلّ وسيلة قانونية لمتابعة شريكها، لربط مدوّنة الأسرة إثبات النّسب والبنوّة بفراش الزّوجية". هذه الوضعية القانونية، تضيف مذكّرة "ضمير"، ينتج عنها غياب سند يضمن للأمّ العازبة الحصول على دفتر عائلي تسجّل فيه أبناءها؛ لأن تسليم هذه الوثيقة يبقى خاضعا للسّلطة التّقديرية للإدارة؛ علاوة على أنّ مجرّد طلب الحصول على دفتر عائلي قد يعرّض "الفتاة الأمّ" للمتابعة جنائيا بتهمة إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزّواج، والاستفادة من التعويضات المالية لصندوق التّكافل العائلي تشترط إثبات قيام العلاقة الزوجية أو انحلال ميثاق الزواج. وأوصت حركة ضمير ب"ضمان تشريع الأسرة مقتضيات تُجبِرُ الأب غير الشّرعيّ على الاعتراف ببنوَّة طفله، وإجازة لجوء الأم إلى القضاء، في غياب ذلك، لإنجاز تحليل للحمض النووي لإثبات نسب المولود"، كما أوصت بأن تكون العقوبات صارمة على الأب كلّما نفى أبوّته وأثبتت ذلك تحاليل الحمض النووي، مع نفقة تتناسب مع دخله، وجعل تسليم دفتر عائلي للأمّ العازبة والطّفل حقّا مكفولا، لا مجال للإدارة في المماطلة إزاءه؛ كما دعت إلى أن تكفّ المتابعات القضائية ضدّ هذه الفئة، تبعا لضرورة إلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرّضائيّة بين البالغين. ووصفت المذكّرة تزويج الفتيات القاصرات ب"الاغتصاب المقنَّع"، ودعت إلى تطبيق أشدّ العقوبات الجنائية عليه، حتى ولو كان مشمولا بموافقة أبويّة، وترخيص قضائي، مع ضرورة نصّ القانون صراحة على "المنع النهائي له، دون أيّ إمكانية استثنائية، ودون منح القاضي أيّ سلطة تقديرية"؛ كما دعت، في المذكّرة ذاتها، إلى تجريم الاغتصاب الزّوجي، وتوفير الحماية القانونية للنّساء اللائي يقعن ضحايا له. حفظ للحريات والتعدّد وتسجّل مذكّرة "المغرب الذي نريد" أن المرجعية الدينية المزدوجة للمملكة، المنصوص عليها في دستورها، بكون الإسلام دينا للدّولة، ورئيس الدولة هو أيضا أمير للمؤمنين، تلعب دورا في تحقيق التماسك الوطني، وتعزيز الروابط الاجتماعية بين جميع المواطنين، مع زيادة أهميتها بسعيها إلى الانصهار في إطار تنوّع تاريخي وثقافي وديني مع مكوّنات عربية، وإسلامية، وأمازيغية، وصحراوية حسّانية، وروافد إفريقية، وأندلسية، وعبرية، ومتوسّطية؛ إضافة إلى ملاءمة المغرب قانونه بشكل دائم مع أفضل المعايير الدولية، واستناده إلى مصادر تشريعية أخرى غير المصادر الدينية، مع الاحتفاظ ب"القانون الإسلامي القديم" في الأحكام المتعلّقة بالأحوال الشّخصيّة. وتستدرك مذكّرة "ضمير": "القوانين التي كانت موضوع إصلاحات كبرى تمَّ الحصول عليها في معظم الأحيان عبر النّضالات التي خاضَتها جمعيات المجتمع المدني"، وتضيف: "المغرب اليوم في حاجة ملحّة إلى تحقيق قفزة نوعية جديدة في مجال تكييف قانونه الوضعي المطبَّق على الأحوال الشخصية للمواطِنين". وتوصي الحركة بجعل القانون الوضعي يعترف بحقّ الأقليات التي توجد أكثر فأكثر بالمغرب في الوجود، والتعبير، والعيش في انسجام مع ذاتها، مع إطلاق ورش كبير لإصلاح القوانين الماسّة بالحرّيّات، بهدف النّصّ على حرية الضمير والمعتقد، في القانون، والتّسريع بإلغاء تجريم العلاقات الحرّة والرّضائية بين البالغين الرّاشدين، فضلا عن الإنهاء الإرادي للحمل. وتقترح الحركة نفسها أن تكون عملية إلغاء التّجريم المقترحة مصحوبة بشرطين أساسيّين، هما ممارسة الحرية المتعلّقة بالسّلوكيات الفرديّة في إطار خاصّ، أو في إطار مخصّص لهذا الغرض، مستشفى، أو عيادة، أو مطعم…وأن يعكس هذا التّمرين اختيار شخصيّا بعيدا عن أيّ هدف تبشيري. وسطّرت "ضمير" على اعتقادها أنّ النموذج التنموي الجديد يجب ألا يقتَصر على المواطنين المغاربة بمفردهم، بل أن يشمل، أيضا، الأجانب الرّاغبين في الاندماج بالمغرب، المنحدرين أساسا من بلدان إفريقيا جنوب الصّحراء، وهو ما يعني أنّ من واجب السّلطات العمومية البت في طلباتهم في آجال جدّ قصيرة، ومنح الأجانب الحاصلين على شغل أو المتزوّجين بمغاربة أو مغربيات بطائق إقامة بقوّة القانون. كما نادت المذكّرة باستقبال البلاد اللاجئين الذين لهم الحقّ في الحماية من قبل المملكة، بكرامة، مع ترحيل الأجانب الذين ليست لهم قابلية للاندماج، توّا، إلى بلدانهم الأصلية، "كي لا يوسّعوا دائرة الهجرة السّرّيّة ويعمّقوا العوز الاجتماعي ببلادنا"، مع تدبير الدولة سياسة الهجرة بشكل رحيم، بتنسيق مع سلطات مختلف الدول الإفريقية التي ينحدر منها المهاجرون.