عبّرت حركة التوحيد والإصلاح عن موقف قد يربك جميع الحسابات والتوافقات التي تمّت إلى حد الآن، بخصوص مسألة تقنين الإجهاض، بما في ذلك حسابات حزب العدالة التنمية، المرتبط، إيديولوجيا، بالحركة، وهي جناحه الدعوي. ففي الوقت الذي أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في مناسبات سابقة، أن سقف المطالب المتعلقة بتقنين الإجهاض لا يمكن أن يتجاوز ما تمخّض عن توصيات اللجنة الملكية المنتدبة للتحكيم في هذا الخلاف، طالب عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، بتوضيحات حول المبادئ والأسس العلمية المُستند إليه لتحديد الحالات التي أجازت فيها اللجنة الملكية الإجهاض. وقال الشيخي، في ندوة فكرية نظمها "مركز مقاصد للدراسات والبحوث" التابع لحركة التوحيد والإصلاح في موضوع "قضية الإجهاض في المجتمع المغربي.. مقاربة شرعية وقانونية وطبية"، إن موضوع الإجهاض "كان بمقاربة تشاركية، وما تم التوصل إليه كان كأنه وقع بطريقة توافقية وعلينا أن نقبل به؛ ولكن تبيّن أن هناك ضرورة لاستمرار النقاش حول هذا الموضوع". وبرر الشيخي دعوته إلى مواصلة النقاش حول تقنين الإجهاض بعودة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي كان من أطراف اللجنة الملكية، إلى جانب وزارات الصحة والعدل والأوقاف، إلى الخوض في الموضوع، بتوجيهه مذكرة جديدة إلى البرلمان. ووجه الشيخي خطابه بالتحديد إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك، قائلا: "إذا كان ما تمّ التوصل إليه مبنيا على حقائق علمية وطبية، فإننا ندعو المجلس العلمي الأعلى إلى أن يبين لنا سبب عودة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الخوض في الموضوع، وأن يقدم لنا تبريرات لنطمئن". وتابع: "يجب على المجلس العلمي الأعلى أن يدلي بدلوه، وأن يبيّن لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود"، مجددا التأكيد على موقف الحركة الرافض للمساس بحق النفس البشرية في الحياة، "فلا يهم إن كان عدد الأجنّة الذين يتم ستمائة أو ألف يوميا، كما يروج لذلك البعض، أو خمسة فقط، واش خمسة د الأنفس ساهلة عند الله سبحانه، فلو كانت خمسة أو حتى جنينا واحدا فهذا لا يجوز"، على حد تعبيره. من جهته، قال نجيب البقالي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إن مسألة تقنين الإجهاض ينبغي أن يتم الانتصار فيها للمقاربة الشرعية، مشددا على أن الحالات التي يُسمح فيها بالإجهاض يجب أن تبقى عند الاستثناءات التي جاءت في خلاصات مشاورات اللجنة الملكية. وجدد البقالي موقف حزب العدالة والتنمية الرافض للمذكرة الأخيرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قائلا: "استغربنا لمذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي سبق أن قدم مذكرة في الموضوع، خاصة أن المذكرة الثانية لم تُعرض على جمعيته العامة التي تُمثل فيها مختلف أطياف المجتمع، وهذا يضرب تعددية المؤسسة، وإعادة النقاش حول موضوع الإجهاض إلى بدايته".