يعيش العالم الداخلي لسيارات الأجرة الكبيرة فقط أولئك الذين يُجبرون على استخدام وسائل النقل هذه والتي أصفها بأنها غير إنسانية، حيث يفقد المواطن الزبون كرامته. وللعِلم، في البلدان المتقدمة هناك قوانين صارمة بخصوص نقل الحيوانات، حيث يتم احترام الحيوان واحترام مساحته الخاصة وفقا لحجمه؛ بينما في الطاكسيات الكبيرة يزدحم 7 أشخاص دون أي احترام للمساحة الشخصية لكل راكب، بينما هذا النوع من الازدحام محظور في أوروبا لنقل الحيوانات. أمام هذا السيناريو اليومي اللاإنساني، أطرح أسئلة كثيرة متناقضة مع الشريعة ومع السلامة الطرقية ومع الوقاية الصحية البدنية والنفسية وكذلك فيما يتعلق باحترام حقوق المواطن. 1- التناقض مع الشريعة نعلم بأن الشريعة تحظر الاحتكاك البدني بين الرجال والنساء. ومع ذلك فإننا نلاحظ النساء والرجال مكدسة داخل الطاكسيات الكبيرة. وأسوأ ما في الأمر، من بين هؤلاء الزبناء، هو أن هناك نساء ملتزمات (الحجاب) يرفضن مثلا تحية الرجل باليد وهناك رجالا يظهر على جبينهم خاتم الصلوات الخمس وبدون أي حرج يتم لصقهم على بعضهم البعض من الكاحل إلى الكتفين. كما أن العديد من النساء يشكين من التحرش الجنسي من خلال الشعور بأن الراكب المجاور يستغل الوضع ويستمتع بهذا الاحتكاك. 2- السلامة الطرقية أ- مفارقة ارتداء حزام السلامة من الواضح أنه لا توجد سيارة عادية بها 7 أحزمة السلامة، أين ذهبت إذن قوانين السياقة والطرق؟ هل يعتبر القانون أن شخصا واحدا في سيارته بدون حزام في خطر بينما 7 أشخاص بدون حزام السلامة ليسوا في خطر؟ هل المواطن الذي لديه سيارته الخاصة أفضل من السبعة أشخاص بدون سيارات خاصة؟ أم هم مجرد سلع بشرية بدون أهمية؟ ب- الطاكسي الكبيرة "ماضْ ماكْسْ" المغربي تتجاوز الطاكسيات الكبيرة فوضى القيادة في الفيلم الأمريكي الشهير "ماضْ ماكْسْ"، وتعرض الركاب والسيارات والمشاة للخطر في كل لحظة. كما تتوقف هذه الطاكسيات عندما تريد وأين تريد، في وضع مزدوج أو في منتصف الطريق لتحميل أو تفريغ البضائع البشرية. باختصار الطاكسيات الكبيرة تفعل ما تشاء في الطرق والشوارع مثل فوضى "ماضْ ماكْسْ". 3- النظافة والوقاية الصحية أ- الصحة البدنية تخيلوا معي 7 أشخاص معبأين في بضعة أمتار مكعبة، ونوافذ الطاكسي مغلقة و14 رئة تتنفس وتُخرج الهواء الملوث داخل قوقعة الطاكسي مع كل الجراثيم المحتملة التي تتبادلها هذه 14 رئة. كما التصاق الأجساد تسهل عدوى الأمراض الجلدية والفطريات والطفيليات والقمل على سبيل المثال. ومن الواضح لا ننسى الروائح الكريهة للملابس والعرق ونفخ الأفواه السبعة. ب- الصحة النفسية إن المغاربة الذين يستخدمون وسيلة النقل هذه هم بالفعل من بيئة محرومة اقتصاديًا، ومعنوياتهم بلا شك عند نقطة الصفر. ومن خلال استجوابهم، يعبرون عن الشعور بالإذلال والإحباط من خلال ركوب طاكسيات "ماضْ ماكْسْ". عن أي تنمية اجتماعية وبشرية نتحدث؟ 4- غياب احترام المواطن لماذا لا يحق للمغاربة التمتع بوسائل النقل العمومي الذي يوفر شروط الراحة ويحترم توقيت الوصول والمغادرة في كل محطة؟ لماذا يتنقل مواطن بمفرده في سيارته الخاصة وعلى يساره ويمينه يتجه 7 مواطنين بعضهم فوق البعض في طاكسي واحدة؟ عن أي حقوق الإنسان والمواطن نتحدث؟ عن أي تنمية اجتماعية وديمقراطية نتحدث؟. *طبيب نفساني وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي