وكأن التاريخ يعيد نفسه، لم تختلف مشاهد سنة 2019 عن سابقاتها في الكوارث الاجتماعية والإنسانية التي أصابت مناطق متفرقة من المغرب؛ فمن ملعب تارودانت الذي جرفته سيول الوادي وجرفت معه أرواح عدد ممن كانوا فيه، إلى فاجعة الحوز التي أودت بحياة ركاب حافلة انقلبت في منعرجات منطقة إجوكاك، وغيرها من الحوادث، تظل يد المسؤولين متورطة إلى حد كبير. وعاين المغاربة على امتداد شهور سنة 2019 مآس اجتماعية وأخلاقية كثيرة، في مقدمتها عودة حوادث الاغتصاب بشكل فظيع، وكانت حالة "حنان"، التي اغتصبت بالمدينة القديمة للعاصمة الرباط، أبرزها، فيما شكلت وقائع الاصطدامات بين الأساتذة والتلاميذ مادة دسمة للتناول على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي بسبب توالي الحوادث داخل المؤسسات التعليمية. فشل الدولة عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، قال إن "سنة 2019 شهدت كوارث كثيرة، تتقاطع فيها الأقدار بالمسؤولية المباشرة للعديد من الفاعلين"، مشيرا إلى أن "الظروف المناخية صحيح أصبحت خطيرة بالعالم كاملا، لكن غياب المواكبة واستشراء الفساد يجعلان من الأزمة القائمة متجاوزة لاستحضار جوانب الطبيعة". وأضاف الخضري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "السبب الرئيسي لحصد أرواح المغاربة في كوارث اجتماعية وإنسانية هو غياب الإرادة السياسية للتصدي لمظاهر الفساد ونهب المال العام"، مؤكدا أن "الأخطر من كل هذا هو غياب الاعتراف بوجود فساد"، موردا أن "الصفقات العمومية تشوبها مشاكل كثيرة". وأوضح الفاعل الحقوقي أن "الحوادث تكشف عورة الغش، وتبرز بالملموس فشل الدولة في محاربة الرشوة والفساد"، مسجلا أن "البلاد أصبحت في حالة تطبيع مع مثل هذه المشاكل الدورية، خصوصا فيما يتعلق بالبنية التحتية، لكن لمن توجه المسؤولية، لا أحد، وإذا عرف، فيد العدالة والقضاء لا تصل إليه". كوارث متكررة بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، قال إن "التعازي تصبح دون معنى بعد وقوع كوارث كبيرة وفي ظل غياب تحديد واضح للمسؤولية"، مشيرا إلى أن ما جرى في ملعب تارودانت الذي جرفته سيول الوادي، "يكشف بالملموس حجم التخبطات التي يعاني منها البلد على مستويات عدة". وأورد الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "استمرار سياسة الترقيع وعدم استحضار المسؤولين للصالح العام، أمر يحكم على المغرب باستمرار الكوارث نفسها"، مسجلا أن "السياسيين لا تهمهم سوى الانتخابات، في حين إن المستهلك هو اللبنة الأساس في كل مشروع، فلمن تبنى الملاعب والعمارات والبنيات؟ للمستهلك بالطبع". وأكمل المتحدث قائلا إن "المغرب يتوفر على قوانين مهمة جدا، لكن العيب في عدم تطبيقها، واستمرار الإفلات من العقاب، وهو ما أفقد المؤسسات مصداقيتها لدى عموم المواطنين"، مشددا على "ضرورة الاحتفاظ بالأمل لتدارك المشاكل الحاصلة، لكن في المقابل على الجميع أن يتفانى في خدمة الوطن".