بقدرة قادر، صنع نجوميته بنادي الكوكب المراكشي لكرة القدم في خمسينات القرن الماضي من لا شيء، فعانق كأس العرش ثلاث مرات متتالية. إنه أسطورة كرة القدم بمراكش في الزمن الجميل ل "لكويكا" (الكوكب المراكشي) كما يسميه محبوه من أهل "البهجة"، اللاعب الخلوق محمد بن الزاوية، الملقب "بحميمة"، الذي خضع بداية شهر يناير لعملية على القلب والشرايين، ويعاني من مرض "الزهايمر". محمد بن الزاوية من الرعيل الأول لنادي الكوكب المراكشي لكرة القدم، مارس في صفوف الفريق في خمسينات القرن الماضي وساهم في حصوله على أول بطولة لموسم 1956/1957، وكأس العرش لثلاث مرات متتالية، يحكي محمد بن الصالح، رفيق بن الزاوية على رقعة ملعب الحارثي وجاره بحي الداوديات. "حميمة" كان لاعبا متميزا على كافة الأصعدة، أخلاقيا وكرويا وبدنيا وتكتيكيا، بحسب اللاعب والفاعل الرياضي أحمد تميم، الذي استدل على كلامه بكون محمد بن الزاوية "كان لاعبا رسميا في الفريق طيلة فترة ممارسته، وكانت له حظوة خاصة عند الملك الحسن الثاني". اكتشفت موهبته بحي "الزرايت" باكرا ولم يستسلم حتى أضحى قائدا لنادي الكوكب المراكشي لكرة القدم بفضل رزانته في تحركاته وقذفاته كظهير أيسر المركزة والقوية، وبكاريزمية شخصيته التي جعلت منه حلقة أساسية في الفريق وقائدا لزملائه. أقدمُ لاعب لفريق الكوكب المراكشي، الذي يمر بظروف صحية حرجة، لم يجد بجانبه سوى أسرته الصغيرة والعائلة وصديقه في رقعة الملعب وجاره محمد بن الصالح. "أما إدارة الفريق والجامعة، فهما خارج تغطية ثقافة الاعتراف ونبل الأخلاق"، بحسب الفاعل الرياضي أحمد تميم. تألق "حميمة" من جديد في جلسة استرجع فيها ذاكرته حين أحضرت هسبريس، خلال زيارتها له، اللاعب القديم لنادي الكوكب والوداد البيضاوي عبد الغني المنصوري، وجاره محمد بن الصالح. ونهض هذا اللاعب الذي فاز رفقة الكوكب المراكشي بكأس العرش ثلاث مرات متتالية من مرقده، وخرج ليشارك رفيقي فريقه الكروي جلسة أبى أن يغادرها رغم وهن عظمه وضعف قوته بسبب زرع آلة بقلبه. طموح "حميمة" وزملاؤه يجب ألا يتوارى عن الأنظار ويغيب عن العقول المحكومة بالحاضر متناسية الماضي، فلا فريق سيستمر دون ذاكرة تستحضر الكعوب العالية التي صنعت بريقه. نجمنا الأسطوري يعاني من "الزهايمر" لكن ذلك لم ينل من ارتباطه بكرة القدم، فهو يتتبع مباريات المستديرة على شاشة التلفاز مستمتعا، كما عاينت هسبريس تصفحه وبن الصالح وعبد الغني المنصوري لصور تذكارية لفارس النخيل، ما أنعش ذاكرته. رغم هذا العصر الذهبي، فابن الزاوية وباقي اللاعبين القدماء، عوض أن يكونوا ضمن متحف لنادي الكوكب المراكشي، فهم يلقون جحود المسؤولين بالمكتب المديري وفرع المستديرة والجامعة المغربية لكرة القدم، رغم ما قدمه "حميمة" لوطنه كلاعب دولي لفترة ليست بالقصيرة. ابن الزاوية الذي كان يأكل وزملاؤه عشب الملعب في حالة الهزيمة، لا ينتظر من الجهات المسؤولة دعما ماليا، بل "كل ما يحز في قلبه هو نكران الجميل كخصلة وقيمة من قيم الرياضة عموما، وكرة القدم خصوصا، وغياب ثقافة الاعتراف لدى مؤسسات المجتمع الرياضي"، وفق تعبير تميم. إن التتويج وصناعة الملاحم الكروية المراكشية حاضرا يحتاجان إلى عدم نسيان الماضي الزاهر بلاعبيه الذين يشكلون أمانة في أعناق المسؤولين، فهم ذاكرة ومدرسة لجيل اليوم الذي ضل الطريق وأضحى يحصد الهزائم تلو الأخرى، ما يفرض تدخلا من كل من يحمل ذرة حب لهذه المدينة التي يطلق عليها عاصمة السياحة العالمية.