رحل عنا؛ منذ بضعة أسابيع؛ إلى دار البقاء الأستاذ الشيخ سيدي أحمد النجاري أحد أعمدة العلم الشرعي بجامع القرويين، وهو أشهر من نار على علم، ولا يمكن في عجالة إنصافه في التعريف بشمائله ولا بأدواره الريادية من مواقع مختلفة أبدع فيها، سواء كعالم جليل في تحقيق الفتاوى والوعظ والإرشاد، أو كأستاذ مفتش في حقل التعليم الأصيل، أو كمجدد في مناهج التربية والتعليم عموما. ويكفيه؛ كمنارة للعلم والعرفان؛ أن تخرج على يديه وبتأطير تحت إشرافه ثلة من الدكاترة والأساتذة وأطر عليا؛ ما زال إشعاعهم متوهجا إن على المستوى الوطني أو الجهوي والمحلي. وقد احتضنت حلقاته؛ في الوعظ والإرشاد والإفتاء؛ معظم المساجد والمجالس الدينية بمدينة فاس، لما ينيف عن ثلاثين سنة، علاوة عن مهام أخرى اضطلع بها عن جدارة واستحقاق، من موقعه كأستاذ ومشرف ومؤطر ومحقق. كما حقّق في العديد من التصانيف التي يزخر بها تراثنا الإسلامي، وكانت له قبسات عنّت له، وهو يتنقل بين رفوف مكتبة جامع القرويين العامرة؛ في التاريخ والتصوف والفقه على المذاهب الأربعة والفتاوى ... وقد يضيق المجال أمام تعداد مناقب هذا الأستاذ الجليل، وإسهاماته في تكريس العقيدة الحنفية السمحة والأشعرية منها خاصة الحافلة بقيم التسامح والوسطية. وقد تبارت؛ في رثاء الفقيد؛ قرائح أقلام وشعراء وخلان ممن لازموه عن قرب أو بعد. ونجتزئ فيما يلي بعضا منها: قصيدة للدكتور العلامة سيدي محمد الروكي على لسان جامع القرويين بعنوان "علم هوى" وأخرى للدكتور عبد العالي معكول بعنوان "مرحبا دار البقاء"