كشف النظام السوري، في وقت سابق، أن دفاعاته الجوية تصدّت لهجوم إسرائيلي فوق دمشق، حيث شنّت تل أبيب هجمات ضد مواقع في سوريا مرتين في 6 و13 فبراير الجاري، دون أن تتبنى رسمياً استهداف هذه المواقع، على الرغم من حرصها على تأكيد أنها ستواصل استهداف الوجود العسكري الإيراني في سوريا. وقد اتّسمت الهجمات الإسرائيلية على سوريا بالكثافة؛ وهو ما يوحي بأنها سوف تتواصل في المرحلة المقبلة، حيث تتوحد مختلف الأطراف المعنية بتلك الضربات برؤيتها الموحدة بشأن الهجوم، إذ حرص النظام السوري على توظيفها باعتبارها اعتداءً على سيادة البلاد، فيما لم تلق إيران الضوء عليها، على الرغم من أنها المعنية الرئيسية بها، في حين نشرت إسرائيل صور لاستهداف مواقع تزعم أنها لبنية عسكرية إيرانية. مجمل هذه الرؤى لم تتغير، وفق دراسة منشورة في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، معنونة ب"حدود التغيير في التصعيد الإسرائيلي-الإيراني في سوريا"، حتى بما فيها ما يتعلق بقيام الطائرات المدنية الإيرانية بنقل الأسلحة إلى سوريا، موردة أن إسرائيل قد تتبنى توجهاً جديداً، من خلال التحول من الدفاع إلى الهجوم حيال الوجود الإيراني. وهنا، فإن التساؤل الأهم يتصل بمستوى التغير في الإستراتيجية الإسرائيلية، تضيف الورقة التحليلية، لافتة إلى أن "إشارة نفتالي بينيت، وزير الدفاع، بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم ضد الوجود الإيراني في سوريا لا تتفق مع طبيعة الضربات التي تتم في إطار إستراتيجية عسكرية هجومية، وليست دفاعية، سوى بالمنطق السياسي الإسرائيلي الذي يعتبرها ضربات استباقية تأتي في سياق دفاعي". ويبرز ذلك، تبعا للمركز البحثي، أن "هناك بعداً آخر للمواجهة في حالة الانتقال إلى الهجوم وفقاً للمنظور العسكري الإسرائيلي أيضاً، ربما يتضمن، على سبيل المثال، استهداف الطائرات الإيرانية جواً"، مؤكدا أن "ردود الأفعال الإيرانية لم تأت خارج السياق التقليدي أيضاً بالتلويح بشن هجمات مضادة على إسرائيل". وتابعت الورقة: "تتناول كافة الأطراف الموقف بالعرض والتحليل الاستراتيجي، لكن البعد الغائب في كافة الروايات هو كفاءة الدفاعات السورية -الروسية في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية المتكررة، وهو أمر يطرح احتمالين: الأول، أن هناك عدم كفاءة في تشغيل منظومات الدفاع الروسية في سوريا، حيث يمتلك النظام منظومة "إس -300" لتغطية هذه المواقع". أما الاحتمال الثاني، حسب المصدر عينه، قد يكون هو الأهم، وينصرف إلى أن "روسيا ذاتها تغض الطرف عن عملية الاعتراض بالأساس، وأن تلك الضربات، من الناحية العملية، تأتي لصالحها في الأخير، خاصة أنها لا تريد وجوداً إيرانياً مستقراً في سوريا قد يشكل لها قوة منافسة في المستقبل". إلى ذلك، ترى الورقة البحثية أن السيناريو المقبل يتمثل في كون "إسرائيل ترى أنها في موقع قوة في المواجهة مع إيران داخل سوريا، فمحصلة الضربات تعتبرها تل أبيب نجاحاً لخططها، لكن بغض النظر عن الخلافات النظرية والسياسية في تفسير طبيعة الضربات (دفاعية أم هجومية)، فإن التصعيد الإسرائيلي ضد الوجود الإيراني في سوريا يحتمل أن يصبح أكثر كثافة". ويأتي ذلك، توضح الورقة، في إطار "محاولة لاستعراض القوة بشكل استباقي في وقت قد تعد إيران لرد فعل ما خاصة بعد مقتل قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في 3 يناير الفائت؛ ومن ثمة فإن الهجمات الإسرائيلية الجديدة قد تمثل رسالة تحذير إلى قائد "فيلق القدس" الجديد بأن عليه أن يغير سياسات سلفه".