هبت نسائم موسيقية من المغرب على العاصمة النرويجية خلال حفل أحيته المغنية "أوم"، اندمجت خلاله الأحاسيس بقوة الأداء؛ لتأخذ الجمهور في سفر عاطفي عابر للحدود. خلال أمسية موسيقية امتدت لمدة ساعة ونصف، في قصر "سوريا موريا" الثقافي، حملت أم رسالة امرأة قوية مثل العديد من النساء المغربيات الأخريات، وفق ما قالته في تصريح صحافي أنا سيينكيفيتش، مديرة الإنتاج في المؤسسة التي نظمت الحفل. وأضافت: "من خلال دعوة أوم نريد أن نظهر للجمهور النرويجي تنوع الثقافة المغربية، ومدى حداثتها، وكذلك التغيير الكبير الذي يمكن أن تحدثه الموسيقى داخل المجتمع". وإذا كان صحيحا أن هذه الفنانة المغربية الصحراوية قد سبق أن قدمت عرضا في أوسلو، قبل أربع سنوات، فإن عودتها إلى هذه الأصقاع لتقديم ألبومها الجديد "دابا" كان بلا شك نجاحا سيطبع لفترة طويلة العديد من معجبيها، التواقين للأصوات والدفء والأضواء. موسيقى هذه الفنانة تمنح طاقة إيجابية حقيقية وموجات من التفاؤل والإنسانية؛ إنه عالم يلتقي فيه العود مع البوق والباس مع الساكسفون، مع إضافات من "القراقب" ورقصات تضفي على الفضاء ما يشبه السحر بأداء حميمي مصقول. هذا المزيج القوي يتداخل بمهارة مع صوت "أوم" التي تنسج نغمات موسيقى عالمية تحتفي بالتنوع المغربي؛ وعلى الرغم من غنائها باللهجة المغربية، وأحيانا باللغة الأمازيغية، فلا حاجة للمتفرجين لفهم الكلمات وهم يشعرون بالقوة والعاطفة التي تترجمها حركات اليدين عندما يتسارع الإيقاع. هذا الانتشاء هو جوهر مشروعها الجديد، الذي صدر في أواخر غشت، لكون "دابا" دعوة إلى رحلة الحواس والروح لتعيش كامل اللحظة الراهنة، و"معرفة كم هي ثمينة"؛ على حد قول أم الغيث بنصحراوي "أوم". "تقدير اللحظة، بطريقة مسؤولة وأيضا بانشراح، يمنحنا القدرة على استشراف مستقبل بما يحمله من متغيرات"، تواصل الفنانة "أوم" التي حرصت على ارتداء ملحفة بنية أمام قاعة مملتئة بالكامل، تفوح في أرجائها رائحة العود التي تستحضر عبقا شرقيا ساحرا. كانت المغنية، التي تعتبرها آنا سينكيويتشز "نموذجا للنساء الأخريات"، قد شقت طريقها في البدء في الهندسة المعمارية قبل اختيار التوجه نحو الموسيقى، حيث فرضت نفسها بحضور مميز أنيق، وروحانية في ألحانها تمزج الإيقاعات الكونية وجماليات الموسيقى المعاصرة. بعد "روح المغرب" في 2013 و "زارابي" في 2015، مع هذا الألبوم الثالث في الدارالبيضاء، الذي صمم في باريس وتم تسجيله في برلين، تقوم الفنانة المغربية ببسط إنسانيتها برشاقة، وإحساس رفيع واهتمام مستمر تكتنفه طبيعة خاصة. وإذا كانت "أوم" هي من تقوم بتأليف أغانيها، فقد أوكلت للشاعرة والمغنية الفلسطينية كاميليا جبران الإدارة الفنية لألبوم "دابا". ويتم تقديم الموسيقى الشعرية ببراعة من أداء ياسر رامي (العود)، وداميان نويفا (الباس)، وكواميل باسيري (البوق) وكارلوس ميجياس (ساكسفون).