"الأحزاب مُنشغلة بصراعات ثانوية"، هي عبارة تندرج ضمن الانتقادات الموجهة إلى التنظيمات السياسية في الأيام المنصرمة بسبب الخلافات التي وسَمت المشهد السياسي الوطني تجاه مشروع قانون تقنين الشبكات الاجتماعية، ما جرّ على بعض القيادات الحزبية استياءً عارماً من المغاربة. وقد صعّد مشروع القانون رقم 22.20 من وتيرة الخلافات بين الأحزاب السياسية، حيث أسفر النقاش الوطني بشأنه عن تنامي الصراعات الداخلية بين القيادات من جهة، وتزايد السجالات الخارجية بين الأحزاب ذاتها من جهة ثانية، في وقت يُظهر تفاعل المُعلّقين على مواقع التواصل الاجتماعي اتجاهاً واحداً يُجمع على الغضب الشعبي من الثقافة الحزبية السائدة. وفي هذا الصدد، قال محمد شقير، باحث في الشؤون السياسية، إن "المسألة المُثارة مرتبطة بطبيعة القيادات الحزبية الكائنة في المشهد السياسي وبالثقافة الحزبية الموجودة أيضا"، وأضاف: "بالنسبة إلى القيادات الحزبية، فإن أغلبها عبارة عن قيادات انتفاعية منشغلة بمسائل ثانوية تتعلق بالمناصب والصراعات الداخلية الهامشية". وتابع شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "القيادات الحزبية لم تصل بعد إلى النضج السياسي، من خلال تغليب روح التضحية التي لم تتشبع بها إلى حد الآن، لأن البلاد منخرطة في حرب مع الجائحة بسبب تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، ما يفترض تناسي الخلافات والتعبئة لمحاربة الجائحة". وأوضح الباحث السياسي أن "القائد السياسي في زمن الحرب يفترض أن يتناسى الصراعات ويؤجلها إلى ما بعد الحرب"، موردا أن "القيادات الحزبية لم تظهر أي مبادرات في محاربة الوباء، ما يبرز غياب تصورها بالموازاة مع تصور الدولة. ومن ثمة، فإنها لم تعبر عن أي استراتيجية خاصة لمحاربة كورونا، ما يحيل على عقمها في مواجهة الجائحة". واستطرد شقير قائلا: "أما الثقافة الحزبية السائدة فهي تكرس الانشغال بالكراسي والمواقع، مقابل الابتعاد عن كل مصلحة وطنية بمعناها العام، حيث نجد أن المصلحة الشخصية والحزبية هي السائدة داخل الثقافة السياسية، وهو ما اتضح من خلال مشروع قانون الشبكات الاجتماعية الذي أظهر طغيان المصلحة الفئوية على نظيرتها العامة". ولفت المتحدث إلى أن "الصراعات الداخلية والخلافات الخارجية تعكس الرهان على الانتخابات المقبلة، حيث تتموقع في إطار مشهد سياسي قادم"، مشيرا إلى أنه "في الوقت الذي تنشغل فيه المؤسسة الملكية بمواجهة الجائحة، نجد أن النخب الحزبية تتعلق بمصالح ضيقة، ما يؤدي إلى ابتعاد المواطن عنها وافتقاد الثقة كليا في الأحزاب، لأنها لم تعِ اللحظة التاريخية والظرفية السياسية".