يستمرّ خطوُ حركة التوحيد والإصلاح في اتجاه "الأصالة المغربية" بإعلانها إعداد منشورات من "التراث الفقهي المغربي" للطبع، بعدما أعلنت في وقت سابق من هذه السنة إعادة طبعها تفسير الفقيه المغربي عبد الله كنون لآيِ القرآن الكريم. وكانت "حركة التوحيد والإصلاح" قد أعادت طبع "تفسير المفصل من القرآن الكريم"، لكاتبه عبد الله كنون، بشراكة مع "مؤسسة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي"، في إطار مشروع يقصِدُ "إنصاف تراثنا الإسلامي المغربي علميا وثقافيا وحضاريا"، وفق إعلانه. ويقول فيصل الأمين البقالي، مسؤول قسم الإنتاج العلمي والفكري بحركة التوحيد والإصلاح، إنّ هذا المشروع يندرج في إطار "إستراتيجية جديدة للحركة عموما، وإستراتيجية في الإنتاج العلمي والفكري على وجه الخصوص". وأضاف البقالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "الإستراتيجية العامّة للحركة هي إعادة الانفتاح على التراث المغربي"، وهو "تصالح للحركة الإسلامية المغربية مع التديُّن المغربي وخصائصه، بعدما غلب على الحركة الإسلامية منذ بدايتها في المغرب، أحيانا بالحقّ وأحيانا بمجرَّد التّهمة، تأثّر بالتديّن المشرقي وأنماطه". ويزيد المتحدّث أنّ قسم الإنتاج الفكري بحركة التوحيد والإصلاح قد خصَّص سلسلة من الكتب سمّاها "سلسلة الاختيارات المذهبية المغربية"، وكان أوّل كتبها لأحمد الريسوني، وعنوانه "الاختيارات المغربية في التديُّن والتّمذهب"، ثمّ تلاه كتاب "الإمام مالك والمذهب المالكي" لأحمد كافي، وهو دراسة تتعلّق بشخصية الإمام مالك، في ملامحها الدينية والاجتماعية والسياسية، وقضايا في المذهب المالِكيّ، ينتصر فيها الأستاذ للآراء المالكية، ولتقدّميّتها مقارنة بغيرها من الاجتهادات، مع مناقشة بعض التنطّعات التي تكون في إطار التعصّب المذهبيّ ولا تخدم المذهب بأيّ حال من الأحوال. أمّا فيما يتعلّق بالإنتاجات المغربية الأصيلة، يقول مسؤول قسم الإنتاج العلمي والفكري بحركة التوحيد والإصلاح، إنّ أوّل ما طبع منها كان بشراكة مع مؤسسة عبد الله كنون بطنجة، وتعوقِدَ معها، لأخذ حقّ إعادة طبع هذا الكتاب الذي كان قد نفد من الأسواق، بعدما انكبّ عليه متخصّصون لمدّة ستّة أشهر تقريبا، ثمّ دفع إلى المطبعة بعد تجديد إخراجه. ومن المشاريع التي تهتمّ بها حاليا هذه الحركة الإسلامية، وفق المتحدّث، مشروع تهذيب "الكافي من فقه أهل المدينة المالكي" لابن عبد البرّ الأندلسي، وهو الآن في مرحلة الرّقن والتّصحيح، باعتماد على نسختَين محقَّقَتين، كما يُهتَم الآن بمنظومة "الابتهاج بنور السّراج" لشيخ من شيوخ القرويين هو الإمام العربي بنعبد الله المساري، التي شرحها أحمد بن المأمون البلغيثي العلوي الحسني؛ وتحمل "رؤية تربوية بيداغوجية كانت في القرويين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين"، علما أنّ هذا النّظم "وثيقة تكشف بعض الجوانب الثقافية والاجتماعية والتربوية والبيداغوجية للحركة العلمية في القرويين في ذلك الوقت". تجدر الإشارة إلى أنّ حركة التوحيد والإصلاح قد نصّت في ميثاقها الجديد، الصادر بعد جمعها الوطني العامّ سنة 2018، على "اعتزازها بالاختيارات المغربية في التدين والتمذهب دونما تعصّب ولا انغلاق"، وتمسّكها "بثقافة المجتمع المغربي بمختلف روافدها وتجليّاتها"، وتحدّثت فيه عن "اهتمامها المتزايد بالتراث العلمي المغربي في مختلف المجالات، وتبنيها العمل عليه، والتعريف برجالاته، والاستفادة من إنتاجاتهم، في برامجها التربوية والتكوينية، ومشاريعها الإصلاحية"، مع "عدم جمودها على هذه الاختيارات جمودا يقطعها عن الانفتاح على رحابة التجربة الفكرية والمذهبية الإسلامية". ويرد في وثيقة الحركة ذاتها، الصادرة سنة 2019، أنّ هذه العناية ب"الأصالة المغربية" تتمّ بالسعي في "إنصاف تراثنا الإسلامي المغربي علميا وثقافيا وحضاريا، والاستفادة منه، وبما يزخر به من عناصر الإبداع والتميّز والنّبوغ، والسعي إلى التعريف به وتقديمه إلى أجيالنا وأنباء وطننا، والأمة الإسلامية، وأبناء الحركة الإسلامية فيها".