لم يكتب لجائحة "كوفيد19" أن تبقى ظاهرة صحية، بل كانت وراء عدة إبداعات تقنية، وفنية وأدبية، كما شكلت دافعا لعدة مقاربات نفسية واجتماعية وثقافية؛ وفي هذا الإطار صدر كتاب جماعي تحت عنوان: "خطاب الجائحة: رؤى ومقاربات". الإصدار الذي ساهم فيه ثلة من الأكاديميين المغاربة، من جامعتي القاضي عياض بمراكش والحسن الثاني بالدار البيضاء، محاولة لمقاربة خطاب الوباء، بطرح تساؤلات جوهرية ترمي إلى زعزعت المنطق السّائد في تدبير الأزمات. وتميزت هذه المعالجة باستحضار بعض مناحي العلوم الإنسانية لتحليل خطاب الجائحة، من خلال الانتقال بين حقول معرفية عدة من قبل الفلسفة والسياسية والدين واللسانيات، والبلاغة وعلم النفس والاجتماع وعلوم التربية. كما شكَّل الكتاب فرصة لطرح أسئلة حول آفاق وعلاقات جديدة، تعيد النظر في مفهوم الإنسان والوجود والأشياء في ظل لحظة فارقة، تبشر باستئناف سيرورة تاريخية جديدة يحضر عبرها "الإنسان" باعتباره "موقفا"، يكتشف إنسانيته وفق رؤية جديدة قائمة على تعاقدات اجتماعية تراجع المسلَّمات وتنقض ادعاءاتها، وتستعيد ما أفلس من القيم الكونية باعتبارها تنتمي إلى ضمير واحدٍ في ذاته متعددٍ في تحققاته. ويأتي هذا الكتاب كردّ فعل ثقافي، وليكون مجالا للتفكير والتدبّر ومناطا لهما، وقاعدة نقدية لتوضيح الرؤى العلمية والثقافية الرامية إلى رأب الصدع وتحسين جودة الحياة، من خلال فهم ما يقع واختيار السبل الكفيلة بتجاوز مخلّفاته. ويقول المؤلفون: "أوّل ردّ فعل نتّخذه هو تتابع مجموعة من السلوكيات التي يمكن أن نَسِمها بأنّها لا إرادية: كأن نتيقّن من سلامة أبداننا والبحث عن أقاربنا، ورصد طبيعة الخطر الذي يلاحقنا، وحمل المستلزمات الدنيا لخلاصنا، ثمّ اختيار الوجهة التي نراها الأنجع لبلوغنا منطقة الأمان".