قال محمد سعيد السعدي، وزير التنمية الاجتماعية والتضامن السابق في حكومة التناوب، إن النساء هن الأكثر تأثرا بتداعيات جائحة كوفيد-19، مقارنة بالرجال، معتبرا أن "الأزمة الحالية تشكل فرصة سانحة لإحداث قطيعة مع التوجهات النيولبرالية التي أضرت بالمساواة بين الجنسين"، ومشددا على أن ذلك "يقتضي تبني مقاربة جديدة، تعتمد على مفهوم الدولة الديموقراطية التنموية، والعادلة اجتماعيا". وأوضح السعدي، في تصريح لهسبريس، على هامش مشاركته في ندوة رقمية بعنوان: "النموذج التنموي على محك الأزمة الصحية كوفيد-19: لنجعل من الأزمة فرصتنا لتقدم المساواة بين النساء والرجال"، نظمتها جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص، مساء الإثنين، أن النساء "يتواجدن في الصفوف الأمامية لمحاربة الفيروس، كحال الممرضات والطبيبات...ويتحملن أعباء منزلية إضافية بفعل إغلاق المدارس". وزاد المتحدث ذاته: "هذا إضافة إلى تعرضهن لخطر العنف المنزلي، وعملهن في القطاعات الأكثر تضررا من الإغلاق العام، خاصة على مستوى الصناعات التحويلية والسياحية والخدمات، وكذا القطاع غير المهيكل"، مشيرا إلى أن "هذه المعطيات تؤشر على إمكانية تفاقم مسلسل التراجعات في مجال المساواة بين الجنسين وحقوق النساء، الذي برز مع وصول الإسلام السياسي إلى الحكم". ويرى وزير التنمية الاجتماعية والتضامن السابق أن هذا الاحتمال يبقى واردا، "خاصة إذا كرست الحكومة توجهها التقشفي الذي سيضر، لا محالة، بالقطاعات الاجتماعية التي تعنى بالحقوق الاجتماعية للنساء"، داعيا إلى ضرورة إيلاء الاهتمام لقضايا النساء، خاصة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، والاعتراف بدورهن في مواجهة الجائحة. من جانبه، اعتبر رشيد الدردابي، باحث في سلك الدكتوراه في قضايا الحكامة الترابية والتنمية المندمجة والنوع الاجتماعي، وفاعل حقوقي بجهة طنجةتطوانالحسيمة، في تصريح لهسبريس، أن النموذج التنموي في المغرب أفرز نتائج كارثية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، "وتأكد ذلك خلال الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، إذ أنتج هشاشة كبيرة في القطاعات ذات الأولوية"، وفق تعبيره. وشدد الدردابي على أن التفاوتات المجالية التي يعرفها المغرب تمثل أحد الإشكالات الكبرى، مشيرا إلى أن "5 جهات تحتكر أزيد من 70 في المائة من الساكنة، و75 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي؛ فيما تعرف الجهات السبع الأخرى إفراغا سكانيا، وتدهورا اقتصاديا"، رابطا ذلك بالاختبارات السياسية والاقتصادية الكبرى للدولة، "ما انعكس سلبا على النوع الاجتماعي، وعدم تكافؤ الفرص بين النساء والرجال"، وفق قوله. وأضاف المتحدث ذاته: "إن أرقام ومؤشرات النوع الاجتماعي مخيفة، سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو التشغيل، ما يجعل قطار التنمية بالمغرب يمشي بسرعتين، إحداهما تخص الرجال والأخرى تخص النساء"، مؤكدا أن "المساواة بين الجنسين، خاصة في القضايا الأساسية، هي أحد المداخل الرئيسية لتحقيق العدالة المجالية، والاجتماعية، وبناء نموذج تنموي يرتكز على أسس الكرامة والعدالة الاجتماعية، والإنصاف والمساواة"، معتبرا هذه القيم "أسسا جوهرية لتحقيق التنمية البشرية العادلة والمتوازنة". وفي السياق ذاته، قالت فاطمة الزهراء الرغيوي، كاتبة ومنسقة عامة لجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص، بجهة طنجةتطوانالحسيمة، إن "الوباء عرى هشاشة البنيات التحتية التي همشت لصالح المصالح الاقتصادية الكبرى، وتم تجاهل الثروة الحقيقية والأساسية لأي دولة قوية، والمتمثلة في بناء الإنسان وتكوينه وتعليمه تعليما جيدا وعقلانيا"، مشيرة إلى أن الوباء "فرض الاعتماد على العمل عن بعد، بواسطة التقنيات الحديثة، وهو ما بين أن النساء يندرجن ضمن الفئة المتضررة من هذا الوضع". وبررت الرغيوي تصورها بكون النساء "يجدن صعوبة في استعمال التقنيات الحديثة أكثر من الرجال، نظرا إلى ارتفاع نسبة الأمية بينهن أولا، وثانيا لصعوبة استفادتهن من هذه التقنيات بسبب ارتفاع تكلفتها المادية في كثير من الأحيان"، وفق قولها، وزادت: "في المقابل سمحت الرقمنة لهن بولوج المعلومة وإمكانيات التواصل، وحرية التعبير؛ كما أتاحت للحركات النسائية فرصة التشبيك وضم مناضلات ومناضلين جدد، وإبراز قضايا نضالية جديدة، كانت في العادة مهمشة أو مغيبة من النقاش العمومي".